عادي

د. فتحي عثمان: الفتاوى العشوائية تفسد العلاقات الزوجية

21:54 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

حذر د. فتحي عثمان الفقي أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، من الفتاوى العشوائية التي تتداول عبر ال«سوشيال ميديا»، وتخوض في أحكام الأسرة بغير علم، مؤكداً أن مثل هذه الفتاوى التي ينسب معظمها لغير المتخصصين تفسد العلاقة بين الزوجين، وتعصف باستقرار المُجتمع.

1

قال د.عثمان: «العلاقة الزوجية بناها الإسلام على السكن والمودة والاحترام المتبادل بين الزوجين، مع حفظ حقوق كل من الرجل والمرأة وما بينهما من أطفال، ولذلك فإن علاقة الندية لا وجود لها بين الزوجين في ظل فلسفة الإسلام».

وحذر عضو هيئة كبار العلماء من كشف الأسرار الزوجية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وحث الأزواج والزوجات على التسلح بفضيلة الستر وعدم كشف أسرار علاقاتهم الخاصة على الآخرين.. وتفاصيل أخرى أفاد بها في حوار معه.

* كيف تنظرون إلى الفتاوى العشوائية في ميزان الشريعة الإسلامية؟

- يؤسفني أن أقرر أن معظم ما تداول على ألسنة غير المتخصصين من فتاوى وآراء دينية كان بعيداً عن الصواب، لأن معظم هؤلاء يتعاملون مع أحكام الشريعة الإسلامية بمنطق «ولا تقربوا الصلاة»، فيأخذون من الفتاوى والاجتهادات الفقهية ما يوافق هواهم، ويساند قناعاتهم، وهي قناعات غير صحيحة، وتحتاج إلى إعادة نظر في ضوء الفهم الدقيق والصحيح لنصوص القرآن والسنة النبوية.

اجتهادات فردية

* بعض الاجتهادات الفقهية تقول بعدم التزام الزوجة بشغل البيت، ما الضرر في إعلان هذا للناس؟

- لا، من يردد هذا الكلام لا يقول إنه اجتهادات لبعض الناس، بل يردده على أنه الموقف الصحيح للإسلام، وهذا خطأ.. في الأمور الاجتهادية لا يجوز الترويج لرأى أو اجتهاد والادعاء بأن هذا هو الإسلام، بل ينبغي استعراض كافة الآراء والترجيح بينها، والقادر على ذلك هم علماء الشريعة الإسلامية.. لذلك ننصح هؤلاء باحترام التخصص وترك الأمور الشرعية للعلماء فهم الأدرى بها.

أما فيما يتعلق بحصول الزوجة على أجرة مقابل خدمة الزوج والأولاد، وحصولها على أجرة على إرضاع أولادها، فنحن نؤكد أن ارتباط الزوجة بأسرتها- زوج وأولاد- أسمى كثيراً من أن تتحول إلى أجيرة، وكما قال الأزهر في بيانه الشرعي في الرد على هؤلاء إن «أُمومة المرأة وزوجيتها، ورعايتها بيتها، وتخريجها أجيالًا صالحة للمجتمع رسالة عظيمة، لا تضاهيها رسالة، وادعاء دونية هذه الأدوار طرح كريه؛ يُقصد به تخلي المرأة عن أهم أدوارها وتفكك أسرتها».

نصيحة للأزواج والزوجات

* بماذا تنصحون كل زوجين ليسا على وفاق، ويسيطر على حياتهما العناد؟

- أكثر ما أخشاه على علاقة الزوجين هو العناد، فهو وقود الخلافات والمنازعات، العلاقة الزوجية في نظر الإسلام علاقة إنسانية روحية تقوم على الحوار والتفاهم والعمل المشترك.. والآية القرآنية التي ترسم تلك العلاقة واضحة حيث يقول الحق سبحانه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، هذا هو التوصيف القرآني للعلاقة الزوجية، ومن الطبيعي أن يحدث بين الزوجين خلاف أو نزاع حول أمر ما، فهذه طبيعة البشر، واختلاف الطباع والأفهام، وهنا ننصح كل زوجين لا يتوافقان فكرياً أو سلوكياً أن يركنا إلى تعاليم الشرع والأعراف المستقرة، فالشرع يحترم الأعراف المستقرة بين الناس، إلا عرفاً أحل حراماً أو حرم حلالاً.. لو فعل كل زوجين مختلفين ذلك سوف يجدان ما يشرح صدريهما، وينهي النزاع بينهما، فليس هناك أفضل مما قرره الله سبحانه، ووجه به رسوله الخاتم صلوات الله وسلامه عليه.

مسؤولية مشتركة

* هل هناك ما يمنع شرعاً من مشاركة الرجل لزوجته في الأعمال والالتزامات المنزلية؟

- ليس هناك ما يمنع من ذلك على الإطلاق، بل هذا سنة حسنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان – كما نقلت لنا السيدة عائشة رضى الله عنها- في خدمة أهله، وهو أول من رفع شعار «اخدم نفسك بنفسك»، وكان صلى الله عليه وسلم يساعد زوجاته في كثير من الأعمال المنزلية والروايات الصحيحة في ذلك كثيرة ومتنوعة، لكن على الزوجة أن تدرك أن زوجها يعمل ويتعب خارج المنزل لتوفير مقومات الحياة الكريمة لأسرته، وعندما يعود إلى بيته، لا ينبغي أن تقول له الزوجة هيا لنعد الطعام معاً، إلا إذا كانت هي الأخرى عاملة ولم تجد وقتاً وطاقة لإعداده، والواقع أن هذه المشكلات بسيطة، وتتغلب عليها الأسر التي تعمل فيها الزوجة بوسائل كثيرة، فالأمر هنا لا يتطلب فتاوى تحريضية بين الزوجين، بل ينبغي تقديم النصيحة لهما بالصبر والبحث عن حلول ودية ومشتركة لحل ما يعترض استقرار حياتهما.

خطورة تزيين الطلاق

* بعض الإعلاميات يحرضن على الطلاق، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟

- هذا أمر خطير، فالطلاق أبغض الحلال عند الله، والإسلام يحذر من التسرع فيه، أو إيقاعه على المرأة ظلماً وعدواناً، كما يضع الإسلام في طريق الطلاق عقبات كثيرة حتى لا يقع لأتفه الأسباب، ولذلك لا يجوز لأحد حض امرأة على الطلاق، ولا حض رجل على تطليق زوجته، والحديث النبوي هنا واضح حيث تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل شخص قام بتزيين الانفصال للزوجين؛ فهذا في التوصيف الشرعي (تخبيب وتخريب مُنكَر ومُحرم)، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».

الأسر العربية تعاني الآن مشكلات كثيرة نتيجة ضغوط الحياة وواجب كل من يعمل في مجال الإعلام والتوجيه والإرشاد أن يبتعد عن كل ما من شأنه إثارة الضغائن بين الأزواج والزوجات، أو يؤدي إلى تفكك الأسر، وابتعاد الناس عن هدي الإسلام وسماحته وأحكامه.

على الجميع أن يدرك أن الزواج علاقة إنسانية راقية، فإذا استمرت ينبغي أن تستمر بالمعروف ولو انتهت تنتهى بشكل راق ومحترم.

حفظ أسرار البيوت

* أسرار بعض البيوت أصبحت مشاعة عبر الفضائيات، ما موقف الشرع في هذا السلوك؟

-هذه رذيلة من الرذائل التي ابتلينا بها في هذا العصر، وللأسف لم يعد هناك حياء أو شعور بالمسؤولية عند بعض الأزواج والزوجات، حيث يتحدثون عن حياتهم الخاصة ويكشفون أسرار بيوتهم على الملأ، وهذه الرذيلة يجب أن يحذرها الأزواج والزوجات، ويدركون مخاطرها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5bp98bxv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"