كارثة مناخية في إفريقيا

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تكابد دول في وسط إفريقيا وغربها، مثل تشاد ونيجيريا، كارثة طبيعية جراء فيضانات طوفانية ضربت ذلك الإقليم الذي يعتبر من أكثر المناطق جفافاً في العالم، وأسفرت عن مأساة إنسانية ذهب ضحيتها مئات الأبرياء ومئات آلاف المشردين، وخسائر بمليارات الدولارات بسبب إتلاف المحاصيل الزراعية ونفوق المواشي وتدمير قرى وإغراق مدن كبرى.

هذه الكارثة غير المسبوقة، التي لم تحظ بالتغطية الإعلامية كأغلب مآسي إفريقيا، لا تقل فجيعة عما حدث في باكستان قبل أسابيع، بل إن خطرها يتمثل في أنها تقدم برهاناً ساطعاً على تهديدات الاحتباس الحراري الذي بات يقلب الخرائط المناخية رأساً على عقب، فيصيب بالجفاف المناطق الممطرة ويغرق الأقاليم الجافة، وما حدث في تشاد يؤكد أن المشكلة أكبر من أمطار موسمية تأتي عادة في هذا الفصل، لأن منسوب المياه استثنائي والأضرار كبيرة جداً، وهناك مؤشرات إلى أن هذا الوضع سيستمر أسابيع أخرى، ما يهدد بانتشار الأمراض المرتبطة بهذه الأجواء الرطبة كالإصابة بالملاريا، وتفشي الكوليرا، ومثل تلك الدول لا تستطيع تحمل الكوارث المزدوجة، بل تحتاج إلى وقفة من المجتمع الدولي وإغاثة عاجلة للتخفيف من وطأة المأساة.

تلبية للنداءات الإنسانية، أرسلت دولة الإمارات عشرات الأطنان من المواد الغذائية إلى المناطق المتأثرة في تشاد ليستفيد منها أكثر من 442 ألف شخص وخاصة من كبار السن والأطفال والنساء، وهذه الاستجابة الإماراتية تضاف إلى سجل حافل بمبادرات الوقوف مع مختلف الأمم والشعوب خلال الكوارث الطبيعية، ولاسيما مع الدول الإفريقية التي تربطها علاقات تاريخية وطيدة مع الإمارات.

ومثلما تترك هذه المساعدات أثراً طيباً لدى مستحقيها وتخفف عنهم هذه الشدة، تكون مناسبة للفت الأنظار إلى مخاطر التغير المناخي والحيلولة دون اتساع تهديداتها. ففي الأشهر القليلة الماضية شهدت دول عدة مثل باكستان وأفغانستان وبنغلاديش وها هي تشاد ونيجيريا والنيجر، تشهد جميعها أسوأ فيضانات منذ سنوات عديدة، وبعضها غير مسبوقة على الإطلاق. وهو ما يجعل التصدي لهذه الظاهرة في صلب العمل المناخي، وتحاول دول عدة من بينها الإمارات، المساهمة في رسم سياسات واستراتيجيات تسمح بالحفاظ على الأرض ومستقبل الحياة البشرية.

كل الدراسات تفيد بوجود صلات وثيقة بين ظاهرة الفيضانات والتغير المناخي. وبعد أيام قليلة سيلتئم مؤتمر المناخ «كوب 27» في مصر، قبل أن تستضيف الإمارات «كوب 28» العام المقبل. ومثل هذه المناسبات تكون فرصة للخبراء وصناع القرار لصياغة خطط شاملة بناء على الشواهد الحية من الكوارث التي تضرب كل القارات، فإن لم تكن بالأمطار الغزيرة فبالعواصف الهوجاء والأعاصير المدمرة، وما حدث مؤخراً في العاصمة الأسترالية كانبيرا، وفي كوبا وفنزويلا بأمريكا الوسطى، وحتى في الولايات المتحدة، كلها ظواهر تتطلب سرعة التدبر لتشكيل حالة وعي عالمية تضع في الحسبان أن الكوارث الطبيعية، التي نشهدها اليوم، ستتعاظم مخاطرها وتزعزع الاستقرار، وقد تكون ذريعة لصراعات مستقبلية، لا يبدو العالم بحاجة إليها في ضوء ما يشهده من أوضاع بالغة التأزم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdcv369k

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"