تحقيق: آية الديب
على الرغم من أن معظم المدارس تبذل جهوداً مختلفة لتوطيد العلاقة مع طلابها لزيادة ارتباطهم بالمدرسة والانتماء لها بما يرفع من نسب استيعاب الطلاب لدروسهم، فإن طول اليوم الدراسي في مدارس أبوظبي الخاصة التي تدرس لطلابها مناهج أجنبية، لاسيما طلاب الروضتين الأولى والثانية وطلاب الحلقة الأولى، يجعل البيئة المدرسية طاردة للطلاب ويحوّل مشاعر الطلبة الإيجابية تجاه مدارسهم إلى السلبية.
«الخليج» تلقت شكاوى لأولياء أمور طلاب يدرسون مناهج أجنبية في مدارس أبوظبي الخاصة أكدوا فيها أن الدوام المدرسي الطويل يرهق الطلاب ويؤثر في تركيزهم، ويقلل من استيعابهم للمحتوى الذي يتلقونه، مطالبين إلزام المدارس الخاصة – التي تقدم مناهج أجنبية – بميعاد محدد ينتهي في دوام الطلاب، أو إلزام المدارس بتقليص دقائق من كل حصة دراسية حتى ينتهى اليوم الدراسي في وقت أبكر.
رصدت «الخليج» كذلك شكاوى لطلاب مدارس خاصة تقدم منهاج وزارة التربية والتعليم لأبنائها، مشيرين إلى أن أبناءهم يشتركون في خدمة النقل المدرسي عبر الحافلات المدرسية، وأن الاشتراك في هذه الخدمة يجعل اليوم الدراسي لأبنائهم أطول، لأن الحافلات تنطلق بالطلاب من صفوف دراسية مختلفة وتضم طلاباً كباراً وصغاراً في آن واحد، وأن الطلاب الأصغر سناً ينتظرون الطلاب الأكبر حتى تنطلق الحافلات بهم سوياً.
وأكد تربويون أن طول اليوم الدراسي في المدارس الخاصة يعود إلى تقديم هذه المدارس الخدمة التعليمية لأكثر من صف دراسي وضم الحافلات المدرسية لمختلف طلاب الصفوف في آن واحد، وأن الوقت الإضافي الذي يقضيه بعض الطلاب في المدارس يتم استغلاله في أنشطة مدرسية تعليمية تثري حصيلة الطلاب المعرفية وتنمي مهاراتهم ومواهبهم.
العربية والإسلامية
البداية كانت مع أحمد مؤيد – ولي أمر طالبة في الصف الثاني بأحد المدارس الخاصة في أبوظبي الذي قال: تدرس ابنتي منهاجاً أجنبياً في إحدى مدارس أبوظبي والمشكلة تكمن في تدريس ابنتي لكل من اللغة العربية والتربية الإسلامية، فبعد انتهاء اليوم الدراسي في الثانية والنصف ظهراً، تدرس ابنتي المادتين في وقت إضافي لمدة يومين أسبوعياً، وفي هذه الأيام ينتهي دوامها المدرسي في الرابعة والنصف على الرغم من أن دوامها المدرسي في باقي الأيام ينتهي في الثانية والنصف ظهراً.
وأضاف: تدريس الطفل العربي اللغة العربية والتربية الإسلامية أمر مهم، لكن تطويل اليوم الدراسي على الطالب لكي يدرس المادتين يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب وأولياء أمورهم، لاسيما طلاب الحلقة الأولى، مطالباً بضرورة أن يكون تدريس المادتين ضمن ساعات اليوم الدراسي اليومية العادية.
منهاج أجنبي:
وقال مصطفى عبد الخالق، ولي أمر طفل في الصف الثالث في إحدى مدارس أبوظبي الخاصة التي تقدم لطلابها منهاجاً أجنبياً: «طفلي يستيقظ في السادسة صباحاً وننطلق من المنزل متجهين إلى المدرسة في السابعة والربع ويصل للمدرسة في السابعة والنصف واستلمه في الثالثة عصراً بنفسي، وإن كنت مشتركاً في خدمة الحافلات المدرسية كان سيعود للمنزل بعد ذلك ودائماً يعود للمنزل متعباً منهكاً راغباً في النوم، في الوقت الذي أسعى ووالدته للبدء معه في أداء واجباته المدرسية حتى ينام مبكراً ويستيقظ مبكراً في اليوم التالي».
وأضاف: طفلي ينتظر العطلة الأسبوعية بفارغ الصبر حتى يواصل نومه كيفما يشاء، مطالباً بإعادة النظر في تقسيم ساعات اليوم الدراسي لطلاب المناهج الأجنبية.
وقالت رنا عصام: ابنتي ملتحقة بنادي رياضي على أن تمارس الرياضة التي تحبها بعد يومها الدراسي ثلاثة أيام أسبوعياً، ومن المؤسف أن طول اليوم الدراسي والالتزام بأداء مهامها الدراسية في المنزل يعيق ذهابها إلى النادي في كثير من الأحيان، حيث تعود من المدرسة متعبة راغبة في أخذ قسط من الراحة.
وقالت ندى قاسم: اختصار خمس دقائق من كل حصة، واستغنائنا أولياء الأمور عن الحافلات، وإيصال أبنائنا بمركباتنا حتى نجنبهم وقت الانتظار في الذهاب والعودة، وزيادة عدد الحافلات، أو استبدالها بأخرى صغيرة لإيصال الطلبة القريبين في أماكن سكناهم بوقت أسرع، هي أبرز الحلول لتجنيب الطلاب التعب من طول اليوم الدراسي.
وأضافت: يدرس طفلي منهاج وزارة التربية والتعليم في إحدى مدارس أبوظبي الخاصة، ويطول يومهم الدراسي بسبب اشتراكهم في خدمة النقل المدرسي حيث تزيد حصصهم المدرسية حصة إضافية حتى ينتهي دوام الطلاب الأكبر سناً وتنطلق الحافلات التي تضم الطلاب من المرحلتين في وقت واحد.
منهاج وزاري
وقال محمد نظيف مدير مدرسة خاصة – تقدم المنهاج الوزاري لطلاب الحلقتين الأولى والثانية: بشكل عام لا تعاني المدارس التي تقدم المنهاج الوزاري هذه المشكلة، حيث تكون الحصص الدراسية منظمة ومقسمة تقسيماً جيداً يتوافق مع المنهاج.
وأضاف: منهاج وزارة التربية والتعليم يراعي الاحتياجات الاجتماعية للأسرة، حيث يبدأ دوام الطلاب في السابعة والنصف وينتهي قبل الساعة الثانية ظهراً.
وتابع: بشكل عام طلاب الحلقة الأولى يقل عدد الحصص المخصص لهم عن العدد المخصص لطلبة الحلقة الثانية، إلا أن المدارس تتقيد بخروج طلاب الحلقتين في نفس الوقت لاعتبار آخر وهو انطلاق الحافلات المدرسية التي تضم في رحلاتها طلاب الحلقتين، وبالتالي يمضي طلاب الحلقة الأولى وقتاً أطول من الوقت المحدد له وتسعى المدارس الخاصة إلى أن يقضي الطلاب هذا الوقت في الحصص الإثرائية، والأنشطة اللاصفية، أو في دعم فصول التقوية.
وأردف: نظراً لحداثة سن طلاب الحلقة الأولى نسعى في مدارسنا إلى أن يضم اليوم الدراسي لطلاب الحلقة الأولى استراحتين بدلاً من استراحة واحدة حتى يجددوا نشاطهم، وتتراوح فترة الاستراحة بشكل عام ما بين 15 دقيقة و30 دقيقة.
أكثر من حلقة
وأكدت عائدة نمر سعادة مديرة مدرسة خاصة في أبوظبي، أن مشكلة طول اليوم الدراسي للطلاب تواجه المدارس الخاصة فقط، حيث تضم هذه المدارس طلاباً أكثر من حلقة وتضم بعض المدارس جميع الحلقات أي الطلاب من الروضة الأولى وحتى الصف الثاني عشر، بينما لا تواجه المدارس الحكومية هذه المشكلة لأن المدارس الحكومية تكون مقسمة وفقاً للحلقات الدراسية.
وأضافت: عدد الحصص الدراسية التي يتلقاها الطلاب من الصف الأول وحتى الصف الرابع يختلف عن عدد الحصص الدراسية التي يتلقاها الطلاب من الصف الخامس وحتى الصف الثاني عشر، إلا أننا نضطر إلى تقديم حصص إضافية للطلاب الأصغر سناً بسبب الحافلات المدرسية.
حافلات إضافية
وتابعت: بدءاً من العام الدراسي الجاري تلقينا توجيهات بأن الحد الأقصى للمدة التي يقضيها الطالب في الحافلة المدرسية هو ساعة واحدة، حيث يتم احتساب مدة الساعة من انطلاق الحافلة من أمام المدرسة وحتى إيصال آخر طالب في الحافلة، ولتحقيق ذلك قمنا بتوفير حافلات إضافية وفي بعض الأحيان بعض الحافلات تنطلق بعدد قليل جداً من الطلاب لكي لا تزيد مدة إيصال آخر طالب في الحافلة عن ساعة.
وأردفت: بالتوازي مع ذلك ينتهي دوام طلاب الحلقة الأولى والثانية في أوقات مختلفة تفصلها قرابة 45 دقيقة، وحتى تضم الحافلات التي ستنطلق من المدرسة طلاب المرحلتين نضطر إلى منح طلاب الحلقة الأولى، لاسيما من الصف الأول حتى الرابع حصص إضافية، ليكون موعد انتهاء اليوم الدراسي موحداً لطلاب المدرسة.
وفيما يتعلق بطلاب الروضة الأولى والثانية قالت: الدوام لطلاب الروضة يكون قصيراً وينتهي في الثانية عشر والنصف ظهراً، وبالتالي يكون هناك وقتاً كافياً بأن تقوم الحافلات بإيصال طلاب الروضتين الأولى والثانية إلى منازلهم ثم تعود للمدرسة لكي يستقلها الطلاب الأكبر سناً.
وأضافت: في بعض الأحيان يكون طول اليوم الدراسي للطالب سببه ولي الأمر وارتباطاته، وعلى الرغم من أن المدة التي يمكن أن يقضيها الطالب في المدرسة بعد انتهاء يومه الدراسي هي 45 دقيقة، فإنه في بعض الحالات يتأخر ولي الأمر عن استلام طفله لأكثر من ذلك وما نقوم به هو إشعار الطالب بالأمان والأريحية لحين وصول ولي أمره. وقالت: نخصص في المدرسة فصلاً دراسياً يسمى فصل الانتظار، وفي هذا الفصل يكون مع الطلاب معلم مناوب، بعد انتهاء اليوم الدراسي لحين وصول أولياء أمورهم، ونعمل على مساعدة وتشجيع الطلاب في هذا الفصل على حل الواجبات المدرسية وإنجازها، وإشعار الطالب بأنه ليست هناك أي إشكالية من وجوده في المدرسة حتى يصل أحد الوالدين لاستلامه.
تأثيرات سلبية
وقال الأخصائي الاجتماعي أحمد علي: طول ساعات الدوام المدرسي له تأثيرات سلبية في استيعاب الطلاب وتحصيلهم الدراسي، فشعورهم بالتعب والإرهاق يقلل من قدرتهم على الفهم، فضلاً عن أنه يؤدي إلى اضطراب مواعيد النوم والاستيقاظ.
وأضاف: تقليص اليوم الدراسي ساعة أو نصف ساعة، يؤثر إيجاباً في الطلاب وتنظيم أوقاتهم بين الاحتياجات الاجتماعية وأداء الواجبات المدرسية وأخذ قسط كافٍ من النوم، كما يجب أن تتضمن الحصص الدراسية للطلاب نشاطات مختلفة تنشط أذهانهم وتكسر روتين التلقي والتدريس، بما يدعم تحقيق الأهداف التعليمية.
وتابع: طول اليوم الدراسي للطلاب صغار السن يحرمهم من ممارسة طفولتهم ويمنعهم من حقوقهم كأطفال، كما يؤثر في احتياجاهم للتواصل مع مختلف أفراد الأسرة وقضاء أوقات معهم.
