عادي

الكتاب..خبزنا جميعاً

01:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
KK__0595
4648712
4648086

الشارقة: عثمان حسن

جسّدت الشارقة من خلال معرضها المتميز للكتاب، مفهوم التواصل الحضاري بين الأمم والشعوب، جسدته فعلاً لا قولاً، ومن يتابع تلك العروض الفنية والأدائية والموسيقية، وبكل تأكيد الجلسات والمنتديات الثقافية التي تضج بها أروقة وأجنحة وممرات المعرض، لا شك سيدهش من هذا التراكم النوعي في الفعاليات التي نشاهدها يوماً بعد يوم، والتي حتماً ستؤسس لفتح حوار جاد بين مختلف الاتجاهات الثقافية، هذه الاتجاهات التي باتت تتفاعل بقوة الكلمة والصورة على أرض إكسبو الشارقة.

لقد بات التفاعل الثقافي مع دول العالم كافة، خياراً استراتيجياً، لتعزيز مفاهيم الاستدامة والتنوع، ما يسهم بتوطيد سبل التفاهم بين الشعوب نحو مزيد من التعاون واحترام الاختلاف، وهذه واحدة من ضرورات الحضارة التي لا يستطيع أحد ادعاء تفوقه فيها، أو امتلاكه لروافدها وتشعباتها الثقافية دون غيره. من هنا، فإن المعرض قد نجح في فتح أبوابه أمام الجميع، وأقام جسوراً من الحوار الثقافي الأممي الجاد، خاصة وأن العالم اليوم بات يعيش بحسب كثير من الخبراء فترة انتقال حضاري حافلة بالتغيير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ وهي فترة انتقالية تدعم شمولية وتنوع الثقافة، وتؤسس لسعادة البشرية من خلال ترسيخ قيم التسامح والمحبة، وإعلاء قيم الخير والجمال.

لقد بات معرض الشارقة للكتاب، يمثل منصة حقيقية تسعى إلى تمهيد كافة منافذ التواصل مع الآخر، وهو إطار يستند على قوة الثقافة، بوصفها بوصلة لالتقاء كافة أطياف الفعل الإبداعي، ليس على المستوى العربي وحسب، وإنما في كافة أرجاء المعمورة.

الثقافة بهذا المفهوم ومن خلال ما نشاهده من حوار ثقافي وفني على أرض المعرض، وبما تراكمه من أنساق أممية وشعبية مختلفة من آسيا وإفريقيا ودول أمريكا اللاتينية ومن كافة دول العالم، لا شك أنها تستمد قوتها من هذا الإرث الإنساني الكبير والمتنوع؛ ذلك أن حركة التاريخ لا بد لها من التغيير والتجديد والابتكار، وهو الذي يسعى المعرض إلى تأكيده، كون الثقافة تعد منتجاً حضارياً، وتقوم على الرغبة الصادقة باحترام الحياة، ما سيفضي حتماً إلى المعرفة التي ترتقي بالوجود الإنساني نحو الأفضل.

وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى واحدة من إبداعات الشارقة من خلال معرضها الكبير، وهو اهتمامها بالترجمة، باعتبارها سبيلاً للتواصل الحضاري بين الأمم والشعوب، وهي نافذة يتم الإطلال من خلالها على معارف جديدة لم يألفها القارئ في بلده، كما أنها حقل حيوي وجوهري، وواحدة من الخيارات الأساسية لهيئة الشارقة للكتاب، التي نشطت في سنواتها القليلة الماضية، في التخطيط لجعل الترجمة حقلاً أساسياً في التمكين الثقافي.

وهنا، يمكن الإشارة لتأسيس منحة صندوق الترجمة بتوجيهات من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، خلال افتتاحه الدورة ال30 من معرض الشارقة للكتاب، لتشجيع حركة الترجمة العربية والعالمية، وتراوح قيمة المنحة الواحدة ما بين 1500 و4000 دولار أمريكي، تغطي كُلفة ترجمة الكتاب كلياً أو جزئياً.

كما يمكن الإشارة إلى قيام هيئة الشارقة للكتاب قبل ست سنوات وبتوجيهات من صاحب السموّ حاكم الشارقة بالإعلان عن تأسيس جائزة الشارقة للترجمة «ترجمان»؛ وهي جائزة رفيعة تبلغ قيمتها مليوناً و300 ألف درهم، وتهدف إلى فتح قنوات جديدة أمام كبريات دور النشر في العالم لتقديم ترجمات أجنبية من اللغة العربية ونقلها إلى مختلف لغات العالم.

كثيرة هي مبادرات شارقة الكتاب التي تؤكد دور وقوة الكلمة، لدفع المشهد الحضاري العالمي خطوات وخطوات نحو الأمام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/55wy82vt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"