حياة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

للعطاء أشكال مختلفة وأوجه لا حدود لها، قد يذهب التفكير مباشرة إلى العطاء المادي، لأنه الأقرب إلى ما اعتاد عليه البشر، لكن هناك عطاء آخر من نوع خاص جداً، مرتبط بالقدرة على مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان والحد من معاناته وآلامه الجسدية، عطاء غير مألوف بالنسبة لكثير من الناس، لأنه عطاء من الذات، يستلزم فعلياً وليس مجازياً وهب الآخرين ما يحتاجونه من البدن قبل فنائه، وفور إعلان الوفاة. 
المؤتمر الدولي لمبادرات التبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، الذي أقيم على مدار ٣ أيام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك»، أضاء على وجه آخر من أوجه العطاء، منحنا فرصة نشر الوعي أكثر بأهمية التبرع بالأعضاء وزراعتها، والحديث بشكل علمي وإنساني عن التقنيات والتطور العلمي الذي حققه الطب في مجال زراعة الأعضاء، ساهم بلا شك في توعيتنا جميعاً بمفهوم منح الأعضاء لمريض ما، ومنحه الأمل في حياة جديدة بلا ألم، ومنح البعض فرصة «استمرار الحياة» خصوصاً لمن يقفون عند الحد الفاصل بين الحياة والموت وينتظرون إشارة طبية بوجود من يمنحهم ما يحتاجونه لاستبدال العضو التالف والمريض في أبدانهم وزرع عضو سليم من إنسان فاض به الكرم لدرجة أنه أوصى بالتبرع بهذا العضو السليم لمن يحتاجه. 
حملة «حياة»، التي أطلقتها دائرة الصحة لدعم البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء، شهدت إقبالاً كبيراً من الأفراد من أجل التوقيع والتسجيل للتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، هذا العطاء هو عمل إنساني يعتبره البعض غير مألوف ولا عادي رغم أهميته ونُبله، عطاء يمنح الآخرين أملاً جديداً بالحياة، يوفر لهم فرصة للعيش بلا عذاب وخوف؛ زراعة الأعضاء التي أصبحت أكثر تطوراً هي زراعة للأمل في حياة أشخاص لا أمل في شفائهم إلا من خلال حصولهم على أعضاء سليمة من أشخاص آخرين. 
زراعة الأعضاء من أهم التطورات في مجال الطب، لأنها تنقذ الآلاف من الأرواح كل عام، ودولة الإمارات الرائدة في العطاء بكل أشكاله وأنواعه، وبفضل قيادتها الحكيمة، تفتح دائماً الأبواب وتدعم بكل ثقلها كل عمل إنساني، وهي لديها اليوم ١١٧ متبرعاً بعد الوفاة، أسهموا في إنقاذ حياة ٤٠٠ شخص من داخل الدولة وخارجها؛ لذا نثق بقدرتها على دعم حملة «حياة» وكل الحملات الطبية والإنسانية لتتمكن من الوصول إلى أكبر عدد من الناس في الإمارات وخارجها، ونثق أيضاً بأنها ستدعم «حياة» وستتمكن من إنقاذ آلاف المرضى عبر إجراء عمليات الزرع وفق أحدث التقنيات، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الحملات المستمرة لنشر الوعي بين الناس وتشجيعهم على الإقبال أكثر فأكثر على التبرع بالأعضاء.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mhmc5wxy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"