تحديات بنك اليابان 2023

قد يحمل العام الجديد معه نهاية سعيدة لسياسة المركزي الياباني النقدية «فائقة اليسر» منذ عقد من الزمان.
22:01 مساء
قراءة 4 دقائق

تاكاتوشي إيتو*
في 20 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قرر بنك اليابان رفع سقف عوائد السندات الحكومية ذات العشر سنوات من 0.25% إلى 0.5%. وبعد دقائق من الإعلان، ارتفع الين مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 3%، وانخفض مؤشر «نيكاي 225» بنسبة 2.5%، وقفز سعر السندات لأجل عشر سنوات بنحو 25 نقطة أساس ليقترب من السقف الجديد.

يرجع الفضل في رد الفعل الحاد ذاك إلى حقيقة أن القرار فاجأ المستثمرين. صحيح أن بنك اليابان يتدخل منذ فترة طويلة في سوق السندات للحفاظ على العائدات قريبة من الحد الصفري، وأن السوق يتوقع أن يحافظ على السياسة الحالية للتحكم في منحنى العائد حتى نهاية عهد حاكم المصرف المركزي هاروهيكو كورودا، ولكن وفقاً لكورودا نفسه، فإن السماح بمزيد من المرونة في سوق السندات ذات العشر سنوات أصبح ضرورياً لتعزيز فعالية التحكم في منحنى العائد.

كان بنك اليابان يشتري بشكل متزايد مبالغ كبيرة من السندات ذات العشر سنوات عند مستوى عائد 0.25%، وغالباً ما يضيفها إلى ميزانيته العمومية بعد يوم من إصدار وزارة المالية لها. الآن، يمكن الاستنتاج أن بنك اليابان لم يكن مرتاحاً بالقدر الكافي وهو ما آل به في نهاية المطاف إلى شراء السندات بمعدل متسارع. وبعد كل شيء، انخفض منحنى العائد مؤخراً عند علامة العشر سنوات، مما يعني أن معدل السندات تلك كان أقل من معدلات نظيراتها ذات التسع سنوات، وال 15 سنة.

وعلى الرغم من أن تغيير التحكم في منحنى العائد يرقى إلى ارتفاع طويل الأجل في أسعار الفائدة، يُصر كورودا على أنه لا ينبغي تفسيره على أنه الخطوة الأولى في عملية أوسع لتشديد السياسة النقدية. مشيراً إلى أن سعر الفائدة الحقيقي آخذ في الانخفاض هذا العام مع ارتفاع معدل التضخم. ومن خلال رفعه الحد الأقصى لعائدات العشر سنوات، يعمل بنك اليابان على التكيف بشكل فعال مع التضخم، وليس في الواقع رفع سعر الفائدة الحقيقي.

كورودا محق في هذه النقطة الفنية. لكن تعديل «التحكم في منحنى العائد» قد يكون الخطوة الأولى نحو تطبيع السياسة النقدية. وإذا كان الأمر كذلك، فهو إشارة واضحة إلى أن المركزي الياباني قد حقق بالفعل بعض النجاح في سياسته النقدية «فائقة اليسر» التي استمرت لعقد من الزمان.

منذ تعيين كورودا في عام 2013، كان معدل التضخم الياباني يحوم في الغالب فوق الصفر ولكن أقل بكثير من 2 في المئة، مما دفع بعض النقاد إلى القول بأن إطار عمل بنك اليابان لاستهداف التضخم كان فاشلاً. لكن آخرين، بمن فيهم أنا، دافعوا عن هذا الإطار. ومن منظور نظام استهداف التضخم المرن، جادلنا بأن البنك كان يوازن في تقييمه بين التضخم الأقل من درجة الاستهداف وبين نمو الناتج المحلي الإجمالي القوي لليابان، أو معدل البطالة.

ولكن كانت هناك نقطة واحدة واضحة دائماً، وهي فشل بنك اليابان في تثبيت توقعاته للتضخم عند 2%، والتي كان من المفترض أن تكون إحدى الفوائد العظيمة لإطار عمل استهداف التضخم. في كانون الثاني/يناير من العام الماضي، ارتفع معدل التضخم (باستثناء الأغذية الطازجة) بشكل حاد. وبعد أن كان المعدل يحوم حول 0.2% فقط؛ وصل إلى 2.1% بحلول نيسان/إبريل، و3% بحلول أيلول/سبتمبر 2020. وكما هي الحال في العديد من البلدان الأخرى، كان هذا الجموح مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية وضعف العملة.

ومع ذلك، ونظراً لأن التضخم الياباني كان أقل بكثير من مثيله في الولايات المتحدة (7.11%)، والمملكة المتحدة (10.7%)، ومنطقة اليورو (10.1%)، رفض البنك المركزي الياباني باستمرار، حتى 20 ديسمبر الفائت، رفع أسعار الفائدة، في ظل توقعات أعضاء مجلسه أن ينخفض التضخم إلى 1.6% في عام 2023.

ولكن هناك الآن ما يدعو للشك بأن هذه التوقعات قد تثبت خطأها. إذ أظهرت البيانات الأخيرة الصادرة عن شهر نوفمبر 2022 أن معدل التضخم، باستثناء أسعار الطاقة والغذاء، بلغ 2.8%. وبالتالي، حتى إذا توقفت أسعار الطاقة والغذاء عن الارتفاع في عام 2023، فقد يظل معدل التضخم أعلى من هدفه 2 في المئة. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تؤدي مفاوضات الأجور السنوية الربيع المقبل إلى زيادات كبيرة في الرواتب، فمن جانب، للتعويض عن ارتفاع معدلات التضخم في عام 2022، ولإعادة توزيع الأرباح المرتفعة الناتجة عن انخفاض قيمة الين من جانب آخر. وفي هذه الحالة، ستستبدل الزيادات الكبيرة في الأجور بعض تضخم «دفع التكلفة» لعام 2022 بتضخم «جذب الطلب»، عن طريق زيادة القوة الشرائية النسبية للعديد من الأسر، وهو أمر من السهل قبوله بالنسبة للمستهلكين.

سيكون هذا شرطاً أولياً مثالياً لبنك اليابان ليبدأ في الوصول إلى هدف التضخم على أساس أكثر استدامة. وبالتالي قد يحمل العام الجديد معه نهاية سعيدة لسياسة اليابان النقدية «فائقة اليسر» منذ عقد من الزمان.

* نائب وزير المالية الياباني الأسبق، وأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا (بروجيكت سينديكيت)

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2x5xex3d

عن الكاتب

نائب وزير المالية الياباني الأسبق، وأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا (بروجيكت سينديكيت)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"