«عملة نادرة».. نجاح بلا صدارة

اللهجة الصعيدية لا تليق بأي كان، طبعاً من حق كل المؤلفين والمخرجين والممثلين تجربة كل ألوان الدراما وتقديمها بانتماءات ولهجات مختلفة، لكن لا يجيد إتقان تفاصيل هذا التنوع إلا البعض، والأمر لا يتعلق فقط بالدراما الصعيدية وإتقان لهجة أهلها، لكنها قد تكون الأكثر تميزاً وصعوبة وحضوراً على الشاشة؛ من هنا استغرب كثيرون تجسيد الفنانة نيللي كريم دور امرأة صعيدية وتوقعوا لها الفشل في مسلسل «عملة نادرة» علماً أنها البطلة الأولى والمسلسل يحمل اسم الشخصية «نادرة». 
من أهم مميزات «عملة نادرة» أنه يوحي لك بأنه مكتوب لنيللي كريم، بما أنها تتصدر المشهد وقد اختاروا اسم البطلة ليكون عنواناً للمسلسل، لكنك كلما واصلت المشاهدة، وحلقة بعد حلقة تكتشف أنه يسعى إلى وضع المرأة في مقدمة القضايا التي يتناولها، ونادرة هي رمز لكل امرأة في الصعيد خصوصاً تلك التي تقرر مواجهة عائلة زوجها وحرمانها من ميراث الأرض وفرض الوصاية عليها وعلى طفلها بعد وفاة زوجها.. هذا في الظاهر، لكن المسلسل الذي كتبه مدحت العدل وأخرجه محمد العدل (ماندو)، يتجاوز حدود البطل الأوحد والأول، ويجعل من كل الممثلين فيه أبطالاً، وكل امرأة فيه تجسد قصة وقضية مهمة وحقيقية، وإذا كانت نيللي كريم خالفت التوقعات ونجحت بالصعيدي نطقاً حتى وإن كان الأداء عادياً، فإن بعض الشخصيات تفوقت وتألقت أيضاً مثلها وأكثر. 
الفضل في بروز أكثر من شخصية وهذه المنافسة الجماعية في المسلسل، يعود للتأليف والإخراج أولاً، ولقدرات الممثلين والممثلات ثانياً، ونبدأ بشخصية دميانا التي تعتبر من أبرز الشخصيات التي ننتظرها ووجودها مهم ومحرك للأحداث؛ ولا شك أن أداء جومانا مراد زاد دميانا رونقاً، ولا نبالغ إن قلنا إنه من أهم أدوار هذه الممثلة، وقد تفوقت على نيللي كريم في التحضير للشخصية وحضورها والتفاعل معها بكل كيانها ومشاعرها. 
هناك أيضاً فريدة سيف النصر التي تجسد شخصية زوجة عبد الجبار «كبير النجع»، قمة في الصدق والالتحام بالشخصية، القسوة الظاهرة والحنان المخبأ، قوة المرأة الصعيدية وعنادها.. 
أحمد عيد هو المفاجأة الكبرى، لم نكد نعرفه في بداية المسلسل، مختلف تماماً، الجدية والقسوة والطمع والأنانية، كلها اجتمعت في مسعود فشكّلها أحمد عيد ليقدمها بأداء رائع. 
طبعاً جمال سليمان استعاد تألقه مع الدراما الصعيدية.
[email protected]