دراما أمريكية في رمضان

01:04 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

اشتعلت الحرب العالمية الأولى برصاصات شاب في سن التاسعة عشرة، نجح في جرّ كبار العالم وقتها إلى مواجهة دامت أربع سنوات وعدة أشهر، بعد أن اغتال في أحد شوارع سراييفو ولي عهد النمسا.

الشاب الذي أنجته سنه من الإعدام، لأنه لم يبلغ ال20 وقت ارتكابه فعلته، كان صاحب شرارة «الحرب العظمى» بكل خسائرها الإنسانية وتبعاتها السياسية.

لسنا في موعد أية ذكرى تتصل بالحرب العالمية الأولى، لكن ملامح غافريلو برينسيب، هذا الشاب المنتمي إلى صرب البوسنة، أطلت مع إعلان قوات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة، الخميس الماضي، اعتقال جاك تيكسيرا المتهم بالوقوف وراء تسريب الوثائق السرية التي شغلت العالم بمحتواها منذ تداولها على الإنترنت.

قيل إن بحثاً سريعاً قاد الحكومة الأمريكية إلى هوية تيكسيرا، ابن ال21 عاماً، والعضو في الحرس الوطني الجوي بولاية ماساتشوستس.

وعلى طريقة نُظم تربط حوادث ما، بعضها قد يكون كبيراً، بمجانين أو «مهاويس»، شاع أن تيكسيرا مولع بالأسلحة النارية، وعلى صلة بمجموعة دردشة على الإنترنت هي التي نشرت الوثائق السرية.

يبدو أن الخيال الأمريكي أصابه بعض العطب، فحرم متابعي إنتاجه من الروايات المحبوكة، أو التي يمكن غفران هنّات فيها، ما دامت الصورة جيدة والوجوه جميلة.

لم يعد الخيال الأمريكي صبوراً بما يكفي لإطالة أمد انشغال العالم بأزمة الوثائق، ومناقشة ما فيها من معلومات «سرية» و«سرية للغاية»، والتخوف من تبعات انكشاف جبهات أوعلاقات أو استعدادات صراعات جارية في العالم أو أزمات.

إلى بضع سنوات سجن وعقوبة مالية قد ينتهي أمر جاك تيكسيرا، بكل بساطة، وسيطوى ملف «عمل إجرامي» عابر، لكن يُستفاد منه أمريكياً في مراجعة سبل حماية الوثائق.

هكذا، يحرم الخيال الأمريكي ابنه جاك تيكسيرا من تخليد اسمه بين صنّاع اللحظات الفارقة في التاريخ على طريقة غافريلو برينسيب، قاتل ولي عهد النمسا، فلا حرب ستنشب بين طرفين ثم ينضم إليها حلفاؤهما في أوروبا وخارجها. لا اتهامات لروسيا والصين، ولا تأثير في استعدادات قوات كييف وموسكو لدورة الربيع من الحرب.

انتهت حالة الطوارئ بعد أن أفسد جاك تيكسيرا مقدمات «حرب عظمى» جديدة حين لم يتحوط بالقدر الكافي، وهو يسرب هذا القدر من الوثائق خطيرة المحتوى، أو لم يبحث عن وسائل لتسريبها وتبادلها مع الرفاق أكثر تأميناً من غرفة دردشة على الإنترنت.

لا أحد ينتظر حرباً تشعلها وثائق مسربة، لكن القلق سيرافق الكل حتى يخرج الجنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم «البنتاغون»، ليعلن انتهاء وزارة الدفاع مما بدأته من خطوات لتقليص عدد الأشخاص الذين يتلقون معلومات استخباراتية سرية، ومراجعة مجموعة متنوعة من العوامل من حيث صلتها بحماية المواد المصنفة، وتقييم كيفية ومكان تبادل المنتجات الاستخباراتية، وغير ذلك.

تعلمت المؤسسات الأمريكية: البيت الأبيض، «البنتاغون»، مكتب التحقيقات الفيدرالي وتوابعها الدرس، لكنها ضحت بسمعة طويلة في صناعة الدراما.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mh8pzm6m

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"