عادي

«كليوباترا».. موجات الغضب في مصر تتصاعد قبل العرض

20:46 مساء
قراءة 4 دقائق

الخليج - متابعات

موجة غضب شعبية عارمة اندلعت داخل مصر؛ بسبب إصرار شبكة «نتفليكس» على عرض الفيلم الوثائقي «كليوباترا»، خاصة مع اقتراب موعد العرض المقرر له 10 مايو/أيار الجاري.

وانتشرت حملات شعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب «نتفليكس» بعدم عرض الفيلم.

ولم يقتصر الأمر على المستوى الشعبي فقط، وإنما امتد إلى كل الأوساط المصرية، فعلى مستوى النخبة، قدم المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة المصري، المتخصص علمياً في تاريخ أنظمة الحكم في مصر القديمة وتراث الشعوب، دراستين حول «كليوباترا المفترى عليها في الفن والسياسة، ومسؤولية شبكة نتفليكس أمام القضاء الأمريكي بتعويض مصر عن تزييف تاريخها القديم»، كما أعلنت الشركة المتحدة للإعلام، إنتاج فيلم وثائقي عن الملكة كليوباترا.

وقال «خفاجي» في تصريحات خاصة ل«الخليج»: «إن كليوباترا كانت آخر ملكة من ملوك البطالمة الذين حكموا مصر قرابة 300 عام، وهي من سلالة يونانية منغلقة للغاية من حيث التكاثر، فوالدها بطليموس الثاني عشر كان أبيض، وكذلك والدتها كليوباترا الثالثة، كما أنها شقيقة بطليموس الثالث عشر الذى لم يوصف في أي مكان في الكون بأنه أسود، متسائلاً كيف يمكن أن تكون سوداء مع نقاء سلالتها المقدونية؟».

1
خفاجي

وأضاف: «علينا إعادة التأسيس العادل للحقائق التاريخية والعلمية في الأوقات العصيبة لمنع تزييف الحضارة المصرية القديمة؛ حيث يقوم أعضاء جماعات الضغط المرتبطين بالعديد من الجهلة والظلاميين بصياغة جدال سيئ ومؤلم عن لون بشرة كليوباترا السابعة ملكة مصر، وعلى الرغم من إيماني بحرية الفن والإبداع بوجود الكثير من الخيال في العمل الفني، فإن تصوير ملكة مصر البطلمية بأن بشرتها سوداء يخرج عن حدود الإبداع ويتجاوز حرية الفن إلى ديكتاتورية الفن؛ لأنه من المستحيل تاريخياً وهى صورة لامرأة ذات خصائص جسدية خاصة بنساء البحر الأبيض المتوسط، أن تكون ملكة مصر كما صورتها شبكة نتفليكس، موضحاً أنه لا يجوز للشبكة تزييف وعي الشعوب حول حقائق تراث الأمة المصرية القديمة بما يخالف الأدلة الأثرية».

ازدواجية يونانية ومصرية

ولفت إلى أن: «كليوباترا بيضاء بدم ملكي خالص بازدواجية يونانية ومصرية خالصة، موضحاً أن القضاء المصرى لا ولاية له على الفضاء الإلكتروني العالمي، ومقاضاة نتفليكس يجب أن تكون أمام القضاء الأمريكي ذاته، فالشبكة التي تقع في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، تحكمها القوانين الأمريكية الفيدارلية المتنوعة فى مجال البث والاتصال، فضلاً عن القوانين المحلية الخاصة بولاية كاليفورنيا الكائن بها مقرها الرئيسي، وتلك قواعد وأحكام وقوانين أمريكية لا يملك القضاء المصري من خلالها وقف بث فيلم كليوباترا لكافة دول العالم، ومن ثم فإن الإعلان عن مقاضاة شبكة نتفليكس داخل مصر، لا يخرج عن حدود الفضاء الاقتراضي المصري فقط، وتلك نتيجة لا تغير من الأمر شيئاً؛ لذا أطالب بتكوين لجنة أثرية وتاريخية وقانونية؛ لرفع قضية أمام القضاء الأمريكي».

تغيير الهوية

واستطرد: «من المعروف أن الأفلام الوثائقية تقوم على الحرية الإبداعية، خاصة الأفلام المبنية على أشخاص تاريخيين وأحداث تاريخية، وفى أغلب الحالات يتم تحويل القليل من الحقائق لخلق دراما أو لتتماشى مع الرسالة التي يرغب فيها المخرج، سواء عن الأشخاص أو الأحداث التاريخية لأغراض جمالية أو درامية، والواقع أن الحرية الإبداعية في الأفلام الوثائقية لا تعني السطو على الحضارات وتغيير هويتها».

ومن جانبه قال الناقد الفني المصري طارق الشناوي: «لا نعترض على مسلسل كليوباترا الذي ستقدمه نتفليكس بسبب لون الملكة الأسود، لا يعنينا اللون، نعترض لأن هذا يُجافى الحقيقة التاريخية تماماً، موضحاً أن هذه الاعتراضات وغيرها سينتهى بها المطاف إلى لا شيء، وستتلاشى سريعاً وستبقى في النهاية الوثيقة الرسمية المتداولة، كليوباترا السوداء بملامحها الإفريقية».

المراجع التاريخية

وأشار «الشناوي» إلى أننا نعيش حالياً في عالم يُطلق عليه ما بعد الحقيقة، مؤكداً أنه يعني به الحقيقة المتداولة الشائعة، ولا يهم بالضبط ما هو المقدار الصحيح للحقيقة، المهم أن تظل هي السائدة والمهيمنة. وقال: «ليس مهماً أن تمسك بيديك الحقيقة، الأهم أن تتمكن من أدواتك وأسلحتك، ومن خلالها تملك كل أسباب ذيوع الحقيقة. إن قرار القناة الوثائقية التابعة للشركة المتحدة بالقيام بإنتاج فيلم عن الملكة كليوباترا، يعد خطوة مهمة رداً على الفيلم الذى تعده نتفيلكس عن حياة الملكة المصرية، لا توجد أدنى مشكلة في اللون الأسود لو كانت تلك هي الحقيقة، لولا أنهم يزيفون التاريخ عن جهل أو تعمد».

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور شريف شعبان، باحث في الآثار المصرية، خلال حواره في برنامج «صباح الخير يا مصر» المذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية، أن خطورة فيلم نتفليكس، أنه سيكون وثائقياً، يعتمد على المعلومات والمراجع التاريخية، مشيراً إلى أنه عندما تتبنى شبكة بقوة نتفليكس مثل هذه الأفكار، فإنها تكون متعمدة تصدير فكرة مخالفة للحقائق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4jau954b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"