عن الهجوم الأوكراني

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وأخيراً، اعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ببدء الهجوم المضاد الذي طال انتظاره، وقال إن القوات الأوكرانية «تنفذ عمليات هجومية ودفاعية مضادة»، هذا الإقرار يأتي بعد تصعيد المعارك خلال الأيام الأخيرة في جنوب وشرق أوكرانيا، وتحديداً على جبهات دونيتسك وزابوريجيا. 

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن من جهته بدء الهجوم، لكنه قال إن القوات الأوكرانية لم تحقق أهدافها في أي من ساحات المعركة، بيد أنه اعترف بأنها «ما زالت تمتلك قدرات هجومية».

 يبدو من الصعب حتى الآن تقييم نتائج المعارك لأنها لا تزال في بداياتها، رغم تضارب المعلومات الصادرة عن الجانبين حول محصلة المعارك الأخيرة، إذ تتحدث أوكرانيا عن إحراز تقدم واختراق خطوط روسية، فيما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن جنودها صدوا كل الهجمات الأوكرانية في دونيتسك وزابوريجيا، وأوقعوا بها خسائر فادحة، ونشرت فيديو يظهر تدمير طابور من العربات المدرعة من بينها دبابات «ليوبارد» الألمانية، وعربات مدرعة أمريكية من طراز برادلي.

 وإذا كان من الصعب حتى الآن تقدير إمكانية نجاح الهجوم الأوكراني في تحقيق أهدافه المعلنة، وهي استرداد كل الأراضي التي احتلتها القوات الروسية في عمليتها العسكرية يوم 24 فبراير/ شباط 2022، إضافة إلى شبه جزيرة القرم، إلا أن تقديرات الخبراء والمحللين العسكريين الغربيين يقدمون صورة متشائمة بشأن نتائج الهجوم، على ضوء الخسائر الأخيرة التي تكبدتها القوات المهاجمة. 

يقول الضابط السابق في وزارة الدفاع الأمريكية ستيفن بريان، إن «زيلينسكي تلقى أنباء غير سارة عن الخسائر الفادحة وإخفاقات القوات الأوكرانية»، وأشار إلى «فشل اللواء الميكانيكي ال 27 المجهز بأسلحة من الناتو والمدرب في دول الحلف  في الهجوم ولحقت به أضرار غير محددة». وقال ضابط الاستخبارات الأمريكي المتقاعد سكوت ريتر، إن القوات الأوكرانية التي تم الزج بها في المعركة منيت بالفشل في اختراق الدفاعات الروسية، وأضاف: «الحقيقة هي أن أوكرانيا لن تحقق هدفها المعلن المتمثل في اختراق الدفاعات الروسية لقطع الجسر البري الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا».

 قد يعود ذلك إلى الفشل في تقدير قوة الجيش الروسي الموجود في الجبهة، وهذا يعني فشلاً استخباراتياً سبق الإعداد للهجوم، وانعدام الرؤية المباشرة لخط سير المعارك وفن إدارتها.

 في كتابه «فن الحرب» يقول الجنرال والاستراتيجي الصيني صن تزو (551-496 قبل الميلاد): عليك قبل بدء الهجوم أن تعرف عدوك، وتعرف نفسك كي تتمكن من خوض مئة معركة من دون كارثة».

 إذا كانت بداية الهجوم تشي بنتائج سلبية، فإن المضي فيها من دون مراجعة للخطط والوسائل والإمكانات سوف يؤدي إلى كارثة، من دون الأخذ في الاعتبارأنه يمكن تحقيق نتائج أفضل في ميدان السياسة، بدلاً من المضي في حرب بلا أفق.

 وذلك يقتضي وجود قناعة لدى أوكرانيا والدول الغربية التي تدعمها بأن الحرب تعني المزيد من الاستنزاف والخسائر المادية والبشرية الهائلة، وأن المفاوضات لا بد أن تنتهي بالتوصل إلى تسوية يتم فيها تقديم تنازلات متبادلة تُشعر روسيا من خلالها بأنها تحقق الأمن المتبادل مع أوكرانيا وأوروبا.

 هل تقتنع الدول الغربية بأنه حان الوقت لاختصار المعاناة وأهوال الحرب وتداعياتها الكارثية على الجميع؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3k9yf336

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"