«حفلة كذب» في الكونغرس

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

مشهدان متناقضان حضرا يوم أمس الأول خارج مبنى الكونغرس الأمريكي وداخله أثناء إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي كلمته. في الخارج تجمع آلاف المتظاهرين الأمريكيين الذين قدموا من مختلف الولايات ورفعوا الأعلام الفلسطينية وشعارات ضد الزيارة، تطالب باعتقال نتنياهو، وبوقف تزويد إسرائيل بالسلاح، وإنهاء الحرب، وبمشاركة جماعات يهودية مناهضة لإسرائيل والعنصرية.

وفي الداخل كان المشهد مخجلاً، إذ حظي نتنياهو بتصفيق حاد وغير مسبوق من جانب المشرعين الذين حضروا الخطاب، وقاطعه أكثر من 80 مشرعاً، حيث تم إحصاء 81 مرة من التصفيق والوقوف خلال ال52 دقيقة هي مدة الخطاب، أي أن معدل التصفيق بلغ مرة

كل نحو 40 ثانية بشكل متقطع، وهو ما لم يحدث مع أي رئيس أمريكي سبق أن ألقى خطاب الاتحاد في الكونغرس، لكن ذلك يدل على أن هذا الاحتفاء بنتنياهو هو تعبير عن شكر «المُمول» الذي لولا المال الذي تغدقه عليهم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك) لتمويل حملاتهم الانتخابية وشراء تأييدهم لما أصبحوا نواباً. لكن ما أثار التهكم هو وصف آلاف المتظاهرين خارج مبنى الكونغرس ب«الأغبياء الذين تستخدمهم إيران».

هذه الصورة التعيسة التي بدا عليها الكونغرس أثارت حفيظة عدد من النواب الأمريكيين الذين قاطعوا الخطاب، ومن بينهم الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي التي اعتبرت خطاب نتنياهو «أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس»، فيما قال العضو المستقل في مجلس الشيوخ بيرني ساندرز إن نتنياهو «ليس مجرم حرب فقط بل هو كاذب أيضاً»، وقالت العضوة الديمقراطية في مجلس النواب داليا راميريز «يجب ألا تمول الولايات المتحدة نتنياهو بدولار واحد لأنه يدفع لحرب إقليمية»، فيما اتهم النائب الديمقراطي جيري نادار نتنياهو بأنه «يريد استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة ولا يسعى لإطلاق الرهائن».

وفي موازاة «مهرجان التصفيق» تم تنظيم حدث آخر في مبنى الكونغرس بحضور ما لا يقل عن ثمانية نواب ديمقراطيين من بينهم جيم كلايبورن وبراميلا جايابال وجيم ماكغفرن، إضافة إلى نشطاء سلام فلسطينيين وإسرائيليين ومحاربين قدامى في الجيش الإسرائيلي.

أما مضمون الخطاب فيحمل رؤية نتنياهو تجاه مستقبل غزة «منزوعة السلاح يديرها فلسطينيون لا يريدون تدمير إسرائيل»، وطلب المزيد من السلاح الأمريكي لمواصلة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، لأن الحرب على غزة هي بحسب زعمه «صراع بين البربرية والحضارة» باعتبار أن قتل نحو 40 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وتدمير مدن القطاع إضافة إلى حرب التجويع وقصف المستشفيات هي برأيه إنجاز حضاري، كما أن زعمه أن جيشه لم يقتل مدنياً واحداً في الهجوم على رفح يمثل استهزاء بالعالم وبالتقارير الدولية التي تحدثت عن عشرات المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في رفح وغيرها.

أما دعوته الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تشكيل تحالف أمني لمواجهة «محور الإرهاب» الذي تقوده إيران والذي يهدد إسرائيل والعالم العربي، فهي دعوة ملغومة تدل على سعيه لقيام تحالفات تهدد أمن المنطقة واستقرارها بما يخدم مخططات تفتيتها وتقسيمها، ومحاولة تصوير إسرائيل بأنها ضد الإرهاب ولا تمارسه.

وما تجاهله نتنياهو عن قصد في خطابه هو حل الدولتين، لأنه يرى في قيام دولة فلسطينية مستقلة خطراً على وجود إسرائيل.. وبالتالي ليست في قاموسه أو قاموس حكومته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx43bfa

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"