عادي

الإيمان بالغيب

21:54 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

قال تعالى «ألم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» (البقرة 1-3).

ويُطلق وصف الغيب على كل شيء تعجز حواسنا عن إدراكه، بما في ذلك المستقبل. واليوم الآخر هو أيضاً جزء من الغيب بالنسبة إلى الإنسان ما دام ظلَّ على قيد الحياة.

والغيب في كلام العرب كل ما غاب عنك، وهو من ذوات الياء يقال منه: غابت الشمس تغيب. والغيبة معروفة. وأغابت المرأة، فهي مغيبة إذا غاب عنها زوجها، ووقعنا في غيبة وغيابة، أي هبطة من الأرض. والغيابة: الأجمة، وهي جماع الشجر يغاب فيها، ويسمى المطمئن من الأرض: الغيب؛ لأنه غاب عن البصر.

وأورد القرطبي في تفسيره: يؤمنون أي يصدقون. والإيمان في اللغة: التصديق، وفي التنزيل: «وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا» (يوسف: 17)، أي بمصدق، ويتعدى بالباء واللام، كما قال تعالى: «وَلَا تُؤْمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ» (آل عمران: 73)، «فَمَا آمَنَ لِمُوسَى» (يونس: 83).

والقرآن يُحدث الناس عن اليوم الآخر، ويتحفهم بوصف مفصل له، كما يتحدث عن الجنة والنار والملائكة وغير ذلك من الغيبيات التي أمرنا أن نؤمن بها، فالإيمان هو أن نصدق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.

إن الدين الحق هو وحده الذي ينبئ الإنسان بالطبيعة المحدودة للحياة الدنيا، وبما ينتظر الإنسان من حياة سرمدية في الدار الآخرة. يخبرنا القرآن أنه سيأتي يوم يعاقب فيه المسيء ويثاب المحسن، فالقرآن هو المصدر الفريد الذي نستقي منه المعلومات عن لحظة الموت، ويوم الحساب، والجنة والنار.

ويذكرنا القرآن، وهو آخر وحي تنزل من رب العالمين، وفي آيات عديدة، بأن المقر الحقيقي الإنسان سيكون في الدار الآخرة. يقول الله تعالى: «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ للَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُون» (الأنعام: 32). لا جرم أن الله، خالق الكون والإنسان والموت والساعة والجنة والنار والماضي والمستقبل، هو وحده القادر على إعطاء أدق وأصدق الإجابات عن هذه الأسئلة، فهو الذي خلق الكون وما حوى من كائنات حية من عدم، ولا يزال يخلقها لحظة بعد أخرى. كما خلق الله الزمان، أحد الأبعاد الكونية والذي يلف كل كائن حي، لكن الله لا يحده زمان، فهو بلا ريب خارج حدود مفاهيم الزمان والمكان، فالله خلق كل شيء خارج إطار الزمن. خَلق الله وعلم بكل شيء من ما نعده نحن ماضياً أو حاضراً في لحظة واحدة، وبهذا يُدرك المرء أن القرآن تتجلى فيه رحمة الله الواسعة المحيطة؛ وذلك لأن المؤمنين يتعلمون أصدق الحقائق عن طريق القرآن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mup4rfaw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"