وساطة إفريقية.. لماذا؟

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

لا يمكن التقليل من أي جهد يستهدف الإسهام في إرساء الهدوء في العالم واستعادة الاستقرار الذي تبدده النزاعات المسلحة، وفي مقدمتها الآن الأزمة الروسية الأوكرانية. 

 هذه الأزمة تطال تداعياتها العالم كله، قلقاً وارتفاعاً في الأسعار ونقصاً في السلع، فضلاً عن انعكاساتها السياسية على تحركات القوى الكبرى وعلاقاتها وآثارها الإنسانية الممتدة بين الطرفين الرئيسيين: روسيا وأوكرانيا، ومحيطهما. 

 لا غرابة، إذاً، أن يبادر أي إقليم، أو دول ممثلة له، إلى اقتراح صيغ للسلام المأمول، تحقيقاً للهدف الأكبر، وهو إراحة العالم من تبعات الحروب، ثم ما يتفرع عن ذلك من صيغ تضمن للبشر حياة مستقرة.

 في ضوء ذلك، يمكن تفهم السعي الإفريقي بمقترحات للسلام بين روسيا وأوكرانيا، وهو سعي يضاف لمحاولات أخرى سابقة بدأت مع الشهور الأولى للأزمة ونجح بعضها في ملفات بعينها، لعل أهمها اتفاق تصدير الحبوب والإفراج عن بعض الأسرى.

 الغاية الأكبر، وهي وقف إطلاق النار وجمع الطرفين على مائدة تفاوض تعالج كليّات الأزمة وليس فرعياتها، بقيت بعيدة، وربما لن تقترب في المستقبل المنظور، والحكم المبدئي بالفشل على التحرك الإفريقي قد ينسحب على ما يليه، فالحل الشامل يستلزم نقاطاً أكثر استراتيجية من مجرد توقف آلات الحرب، ويحتاج إرادات سياسية أكبر من المحاولات التي اقتربت من القضية حتى الآن.

 عموماً، أثارت المحاولة الإفريقية تساؤلاً عن بواعثها، ولعل أهمها أن القارة السمراء الأكثر معاناة من تأثر الصادرات الروسية والأوكرانية من الحبوب، والأمر يتعلق تحديداً بدول مثل مصر وتونس وجنوب إفريقيا. وبعد هذه الدول، تأتي الكاميرون والجزائر وليبيا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والمغرب وموزامبيق.

 من هنا، تتضح المصلحة المباشرة لإفريقيا في إنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية، فمع مساعي تجديد اتفاق تصدير الحبوب في فبراير/ شباط الماضي، قال ديفيد بيزلي، مدير برنامج الأغذية العالمي، إن «إفريقيا هشة للغاية في الوقت الحالي.. 50 مليون شخص على شفا المجاعة». 

 وفي مارس/ آذار، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا ستزود الدول الإفريقية بالحبوب مجاناً في حالة عدم تمديد اتفاق نقل الحبوب عبر موانئ البحر الأسود في مايو/آيار المقبل. 

 بوتين الذي رحب بالتحرك الإفريقي، وتربطه بالقارة علاقات جيدة، فضلاً عن كونها ميدان تنافس مع أمريكا، رأى أن مصلحة الدول الإفريقية مع بلاده في مسألة تأمين الغذاء، إذ قلل من أهمية ما يصل من صادرات أوكرانية إلى هذه الدول بموجب اتفاق عبورها من موانئ البحر الأسود، ما يعني الضغط بثقل روسيا في هذا الملف حتى تتعاظم مكاسبها في مفاوضات تجديد الاتفاق المنتظر انتهاء نسخته الحالية في 17 يوليو/ تموز.

 القارة السمراء، إذاً، تحركت إدراكاً لخطورة تتعلق بمصير الملايين فيها بكل انفراجة في الأزمة. والواضح أنه لا أفق للسلام الذي ذهب به الوفد، فهل يعود بأمل لشعوبه بما يخص الغذاء؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y9vnxtyj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"