عادي
صراع «بريغوجين» مع «شويغو» و«غيراسيموف» أبرز الدوافع.. وباخموت الشرارة

القصة الكاملة لتمرد «فاغنر».. ماذا يحدث في روسيا؟

18:53 مساء
قراءة 7 دقائق

الخليج- متابعات

بعد قرابة عام ونصف العام من اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، استيقظ العالم اليوم على مستجدات عميقة قد تنذر بتحول جذري في مسار الصراع الروسي الأوكراني؛ حيث تعقدت الأمور بالنسبة لموسكو بحدوث تغيير استراتيجي، فقد تحوّل قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين من صديق مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى عدوّ شرس له. ومضت الأحداث تتسارع بصورة مخيفة بعد إعلان قائد فاغنر يفغيني بريغوجين التمرد المسلح، ولم يكتفِ بذلك بل دعا عناصر الجيش الروسي إلى العصيان على الدولة الروسية. وتشير التقديرات إلى أن صراع بريغوجين مع قادة الجيش الروسي وتحديداً مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف أبرز الدوافع، كما أن الحرب التي دارت بين قوات فاغنز والجيش الأوكراني في مدينة باخموت الأوكرانية كانت هي شرارة الخلاف الكبرى في صراع قائد فاغنر مع قيادة الجيش الروسي. وفيما يلي نعرض القصة الكاملة لتمرد فاغنر وتطورات الأوضاع في روسيا في أخطر 24 ساعة تمرّ بها الدولة الروسية.

دعوات قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين بالانتفاضة على قيادة الجيش الروسي، وبثه سلسلة من الرسائل من ليل الجمعة إلى السبت قال فيها، إنه دخل مع قواته إلى مدينة روستوف بجنوب روسيا، وتأكيده سيطرته على مواقع عسكرية فيها- أزعجت الرئيس بوتين بشدة وجعلته يظهر في كلمة السبت موجهاً كلمات الخيانة لبريغوجين، وتوعده برد حاسم وقاسٍ. مضيفاً أن تمرد مجموعة فاغنر المسلحة طعنة في الظهر، وأن «المصالح الشخصية» أدت إلى هذه الخيانة. وتابع: «ما نواجهه اليوم هو خيانة داخلية، وتمّ جر قوات فاغنر لمغامرة إجرامية».

وأضاف بوتين: «كل من يقف إلى جانب الخونة سيحاسب، ويجب إنهاء جميع التصرفات التي تزعزع وحدتنا، وسندافع عن دولتنا أمام أي تهديدات». لافتاً إلى أن «روسيا تخوض قتالاً صعباً من أجل مستقبلها. والقوى الأجنبية كانت تستفيد من الطعنات التي نتعرض لها، ولكن لن نسمح بتكرار ذلك».

من جهتها، اتّهمت السلطات الروسية، الجمعة، قائد مجموعة فاغنر بالسعي إلى إشعال حرب أهلية في البلاد، بسبب دعوته العسكريين للانتفاض على قيادتهم، مناشدة مقاتليه القبض عليه.

وقال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، في بيان، إنّ «تصريحات بريغوجين وأفعاله هي في الواقع دعوة لبدء نزاع أهلي مسلّح على أراضي الاتّحاد الروسي، وطعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الأوكرانية»، مطالباً مقاتلي فاغنر ب«اتّخاذ إجراءات لاعتقاله».

وتزامناً مع دعوة بريغوجين الروس للانضمام إليه، شددت السلطات الروسية الإجراءات الأمنية في موسكو.

ونقلت وكالة «تاس»، عن مسؤول أمني لم تسمّه قوله، إنّه «تمّ تشديد الإجراءات الأمنية في موسكو. المواقع الأكثر أهمية تخضع لإجراءات أمنية مشدّدة»، وكذلك «أجهزة الدولة ومنشآت النقل».

وفي وقت مبكر السبت، زعم بريغوجين، أن القوات المسلحة الروسية استهدفت قواته المشاركة في العملية العسكرية بأوكرانيا، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع نفياً قاطعاً، فيما فتح جهاز الأمن الاتحادي الروسي قضية جنائية ضد بريغوجين، بموجب المادة الخاصة «الدعوة إلى تمرد مسلح».

لماذا حدث التمرد؟

شخصان لا ثالث ربما دفعا بريغوجين إلى هذا التمرد أو الخيانة كما وصفها الرئيس بوتين، هما وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، وما يؤكد ذلك مطالبة رئيس فاغنر في مقطع مصور السبت، شويغو وغيراسيموف بالقدوم لمقابلته في روستوف.

رفض بريغوجين قبل التمرد بأيام، أمراً من وزير الدفاع سيرغي شويغو يلزم جميع المشاركين في تشكيلات فاغنر التطوعية بإبرام عقود مع الوزارة.

وفي لهجة لم تخلُ من الانفعال والعبارات القاسية بحق شويغو، عصى بريغوجين أوامر الوزارة الروسية، وأوضح أنها تنطبق على منتسبي القوات النظامية، أما الشركات العسكرية الخاصة فغير ملزمة بهذه الأوامر، بحسب قوله.

شرارة الخلاف

شرارة النار بين الجانبين تعود إلى أواخر فبراير/شباط الماضي، وتحديداً أيام معركة مدينة باخموت الأوكرانية، التي دارت رحاها على مدى أشهر؛ حيث خاض يفغيني مع عناصره قتالاً دموياً ضد القوات الأوكرانية قرابة 10 شهور، وخسر 20000 من جنوده تقريباً.

هناك من أرض باخموت، حيث دارت معركة طاحنة أطلق عليها «مفرمة اللحم»، انطلقت تصريحات بريغوجين النارية ضد شويغو وغيراسيموف، كلما خسر أفراداً من قواته، كما اتهم شويغو بالخيانة وأنه طعنه في الظهر، بعد حجب الأسلحة والإمدادات عنه.

ووصف بريغوجين رئيس الأركان الروسي أكثر من مرة بالبيروقراطي، والجبان أحياناً، داعياً القائدين إلى زيارة الجبهات فعلاً لا قولاً، كما اتهمهما بإخفاء الحقيقة عن الروس، وحجب حجم الخسائر المادية والبشرية، وكال لهما ولغيرهما من قادة الجيش شتى التوصيفات التي تراوحت بين الفساد والتخاذل والبيروقراطية في أحسن الأحوال.

تدخل بوتين

مع تطور الأحداث على الأرض، تفاقم الخلاف بين الجانبين لدرجة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اضطر للتدخل شخصياً، وذلك وفقاً لوثيقة استخباراتية أمريكية سرية تم تسريبها عبر الإنترنت في إبريل/نيسان الماضي.

دعا رئيس فاغنر مراراً وتكراراً، وزير الدفاع الروسي إلى الجلوس على الطاولة لحل هذا الخلاف، إلا أن تلك المساعي وإن هدّأت من حدة الخلافات لفترة، إلا أنها تصاعدت مجدداً إلى أن تفجر الخلاف وطفا على السطح منذ ليل الجمعة، بإعلان بريغوجين التمرد والعصيان المسلح، الأمر الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالخيانة.

إعلان التمرد

بعد أشهر من خوض قائد فاغنر صراعاً على السلطة مع قيادة الجيش الروسي التي اتهمها بقتل عناصره في شرق أوكرانيا. أعلن الجمعة بنبرة ملؤها الغضب أن قادة الجيش الروسي أمروا بشن ضربات على معسكراته، وقتلوا العشرات من عناصر مجموعته.

وأكد أنه سيتم توقيف ضباط بارزين في الجيش الروسي، متعهداً أن «يذهب حتّى النهاية».

وقال لاحقاً إن قواته أسقطت مروحية عسكرية روسية.

بعد ساعات، أكد قائد مجموعة فاغنر السيطرة على المواقع العسكرية في روستوف، المدينة الواقعة في جنوب روسيا، والتي يقع فيها المقر العام للقيادة الجنوبية للجيش الروسي حيث يتم تنسيق العمليات العسكرية في أوكرانيا.

ثم أكد بعد الظهر سيطرة قواته على المقر العام «من دون إطلاق رصاصة واحدة».

رد فعل موسكو

قال الكرملين، ليل الجمعة إلى السبت، إن «الإجراءات اللازمة» ضد التمرد تمّ اتّخاذها.

وعززت السلطات الروسية الإجراءات الأمنية في موسكو، وفي عدة مناطق مثل روستوف وليبيتسك.

حذر بوتين السبت من «التهديد القاتل»، ومن خطر «الحرب الأهلية»، اللذين يمثّلهما قائد مجموعة فاغنر، بتمرده على القيادة الروسية. وحث البلاد على الوحدة.

ووصف بوتين الذي قال الناطق باسمه إنه يعمل من الكرملين، تمرد مجموعة فاغنر بأنه «خيانة» مؤكداً أن المتمردين «سيعاقبون حتماً».

من هم فاغنر؟

أقر بريغوجين العام الماضي أنه أسس المجموعة بتجنيده الكثير من عناصرها في السجون الروسية مقابل وعد بالعفو.

وفي شرق أوكرانيا، شكلت قوات فاغنر رأس الحربة في المعارك.

وكان فاغنر في الصفوف الأولى للهجوم الذي دام عدة أشهر على مدينة باخموت التي سيطرت عليها روسيا، بعد أن تكبدوا خسائر فادحة في صفوفهم.

كيف تأثرت روسيا؟

يمثل تمرد فاغنر أخطر تحدٍّ حتى الآن لحكم بوتين الطويل، ويمهد لأخطر أزمة أمنية منذ توليه السلطة في أواخر عام 1999.

ويأتي فيما تشن كييف هجوماً مضاداً لاستعادة أراضيها، بحسب «فرانس برس».

وقال الجيش الأوكراني، إنه «يراقب» الخلاف الناشئ بين بريغوجين وبوتين. واعتبرت وزارة الدفاع الأوكرانية أن التمرد «فرصة» لأوكرانيا.

وحذرت موسكو، من جانبها، من أن جيش كييف يستغل الفرصة لتجميع قواته وشن هجمات في منطقة باخموت.

وأثار التمرد أيضاً ردود أفعال عدة زعماء في العالم. وقالت واشنطن وباريس وبرلين وروما، إنها تراقب التطورات من كثب.

تسارع وتيرة التمرد

نعرض فيما يلي تسلسلاً زمنياً للأحداث التي تكشفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بشأن تمرد فاغنر.

* الجمعة

نشر بريغوجن مقطع فيديو صعّد فيه من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، ولأول مرة يرفض مبررات موسكو الأساسية لعمليتها العسكرية في أوكرانيا.

- في سلسلة من التسجيلات الصوتية اللاحقة على «تيليغرام»، قال بريغوجن، إن «شر» القيادة العسكرية الروسية «يجب أن يتوقف»، وإن مجموعة فاغنر سيقودون «مسيرة من أجل العدالة» ضد الجيش الروسي.

- رد جهاز الأمن الاتحادي الروسي بفتح قضية جنائية ضد بريغوجن، قائلاً إنه دعا إلى تمرد مسلح.

- حث نائب قائد الحملة الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفكين مجموعة فاغنر على التوقف عن معارضتها للقيادة العسكرية والعودة إلى قواعدها.

* السبت

- بريغوجن يقول، إن رجاله عبروا الحدود من أوكرانيا إلى روسيا، وهم على استعداد للذهاب «إلى أبعد مدى» في معارضتهم للجيش الروسي.

دخل مقاتلو فاغنر مدينة روستوف بجنوب روسيا، حسبما قال بريغوجن في تسجيل صوتي نُشر على «تيليغرام».

- البيت الأبيض يقول إنه يراقب الوضع بين روسيا ومجموعة فاغنر، وسيتشاور مع الحلفاء والشركاء بشأن التطورات.

- المدعي العام الروسي إيغور كراسنوف يبلغ بوتين رسمياً بالقضية الجنائية ضد بريغوجن بتهمة التمرد المسلح.

- حاكم منطقة روستوف المجاورة لأوكرانيا بجنوب روسيا ينصح السكان بالالتزام بالهدوء والبقاء في منازلهم؛ حيث أصبح من الواضح أن قوات فاغنر قد سيطرت على مدينة روستوف.

- وزارة الدفاع الروسية تصدر بياناً تناشد فيه مقاتلي فاغنر التخلي عن زعيمهم، قائلة إنهم «خدعوا وجُروا إلى مغامرة إجرامية».

- مصدر أمني روسي قال ل«رويترز»، إن مقاتلي فاغنر سيطروا على جميع المنشآت العسكرية في مدينة فورونيج الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوبي موسكو.

- بوتين يلقي خطاباً عبر التلفزيون يتعهّد فيه بسحق التمرد المسلح، ويتهم بريغوجن «بالخيانة» وبتوجيه «طعنة في الظهر» لروسيا.

- الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، يقول إن قواته مستعدة للمساعدة في إخماد تمرد بريغوجن، واستخدام أساليب قاسية إذا لزم الأمر.

- الحكومات الأوروبية بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تصدر بيانات تقول إنها تراقب من كثب التطورات في روسيا.

- طائرات هليكوبتر عسكرية روسية تفتح النار على قافلة من المتمردين، بعدما قطعوا أكثر من نصف الطريق نحو موسكو في تقدم خاطف بعد الاستيلاء على روستوف خلال الليل.

- الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقول إن: «ضعف روسيا واضح.. وكلما احتفظت موسكو بقواتها ومرتزقتها في أوكرانيا لفترة أطول، زادت الفوضى التي ستدعوها للتراجع».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yf8vcy3y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"