عادي
فنانة سويسرية من المدرسة الكلاسيكية الجديدة

أنجيليكا كوفمان.. رسامة العقول

19:57 مساء
قراءة 4 دقائق
لوحة «حيرة الفنانة بين الرسم والموسيقى»
أنجليكا كوفمان

الشارقة: عثمان حسن

ماريا أنجيليكا كوفمان (1741 - 1807)، فنانة سويسرية، تحسب على المدرسة الكلاسيكية الجديدة، عرفت كرسامة ناجحة ومعروفة في لندن وروما. تذكر في المقام الأول بوصفها رسامة تاريخ، وكانت ماهرة في البورتريه والمناظر الطبيعية والديكور. ولدت كوفمان في مدينة غراوبوندن بسويسرا. انتقلت عائلتها إلى بلدة موربينو في إيطاليا عام 1742، ثم كومو في إيطاليا عام 1752 والتي كانت واقعة تحت الحكم النمساوي.

في عام 1757، رافقت كوفمان والدها جوزيف يوهان كوفمان إلى شوارزنبرج - النمسا، كان والدها رجلاً فقيراً إلى حد ما، ولكنه كان فناناً موهوباً يتجول لبيع لوحاته، حيث قام بتدريب أنجيليكا التي عملت كمساعدة له على فنون الرسم، تنقل الاثنان عبر سويسرا والنمسا وإيطاليا. وصفت في صغرها بالطفلة المعجزة، لبراعتها في الرسم، وأيضاً لأنها اكتسبت من والدتها كليوفيا لوتز حب تعلم اللغات، فأتقنت الألمانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية. كما أظهرت موهبة فطرية كموسيقية ومغنية، واضطرت للاختيار بين الأوبرا وفن الرسم. وسرعان ما اختارت الفن، بعد أن أخبرها قس كاثوليكي أن الأوبرا مكان خطير ومليء «بالناس السيئين».

في عام 1754، توفيت والدتها، وقرر والدها الانتقال إلى ميلانو. تبع ذلك زيارات لاحقة لإيطاليا لفترات طويلة، أصبحت عضوة في أكاديمية فلورنسا للفنون الجميلة عام 1762. وفي فلونسا اكتشفت لأول مرة أسلوب رسم اللوحة حسب المدرسة الكلاسيكية الجديدة التي كانت رائجة في أوروبا في القرن الثامن عشر، في عام 1763، تم تقديم كوفمان إلى الجالية البريطانية بروما، فيما كانت تواصل تعلمها للغة الإنجليزية وتمارس الرسم أيضاً، انتقلت العائلة مرة أخرى إلى نابولي. وهناك درست كوفمان أعمال الأساتذة القدامى، وأرسلت واحدة من لوحاتها الأولى إلى معرض عام في لندن. وصارت بعد ذلك تتجول بين روما وبولونيا والبندقية، وتحتفي في كل مكان بمواهبها وسحرها.

من بين اللوحات الشهيرة لكوفمان واحة بعنوان: (بورتريه شخصي، حيرة الفنانة بين الرسم والموسيقى) وأنجزتها في عام 1792، حين كانت في الخمسين من عمرها.

اللوحة السابقة لشابة ترتدي ثوبا أبيض نظيفاً ولامعاً، تقف بين شخصيتين نسويتين تمثلان تجسيداً لفنون الرسم والموسيقى، يصور المشهد معضلة الفنانة السويسرية الشابة أنجيليكا كوفمان، وهي تعيش لحظات حيرة وتردد بشأن الموهبة التي يجب أن تسعى خلفها، وهي فترة حرجة عاشتها كوفمان، وشكلت تحدياً صارماً بالنسبة لها.

اللوحة تجسد المأزق الذي واجهته الفنانة في بداية حياتها المهنية، وهي معضلة ترددها في اختيار المهنة المناسبة لها بين موهبتي الرسم والموسيقى، خاصة أن مهنة الفن كان مهنة يهيمن عليها الذكور في أغلب الأحيان.

تم تجسيد الموسيقى بشخصية نسوية تمثل الفنانة على جهة اليسار، حيث تنظر هذه الشخصية بشكل موارب أو مقنع إلى كوفمان، فتمسك يدها، وتقربها نحوها بلطف. الفنانة ترتدي ثوباً أبيض لامعاً ونظيفاً، فيما الشخصية التي تمثل الرسم، تحاول استمالة الفنانة بعيداً عن الشخصية التي تجسد الموسيقى، وتشير بحماس إلى الرسم، نحو معبد كلاسيكي مرتفع على تل بعيد، في إشارة إلى تلك الرحلة الصعبة التي تنتظر الفنانة، لكنها من دون شك رحلة مغرية، لكنها تعد الفنانة بمكافأة فكرية مغرية تستحق العناء، وتترجم رحلتها في عالم الفنون البصرية.. تحدق كوفمان في الموسيقى بأسف وبعض الندم، لكنها تحسم أمرها بعزم وتقرر أن تتبع مهنة الرسم.

*شهرة

بسبب الشهرة الفائقة التي قوبلت بها اللوحة، فقد تناقلها عدد كبير من الفنانين حتى بعد وفاة الفنانة بسنوات، فقد حصل على اللوحة البارون الإنجليزي سانت أوزوالد في عام 1908، بعد أن ابتاعها من مجموعة «ستريكلاند»، وكانت اللوحة قد أهديت من قبل الفنانة كوفمان للفنان جيمس فوربس.

عملت كوفمان مع الفنان روبرت آدم على الزخرفة في قاعة نوستل، ونوستل هي واحدة من أعظم بيوت الكنوز في شمال إنجلترا، وهي موطن لعدد لا يحصى من الكنوز والقصص والأسرار. بقيت اللوحة في القاعة العلوية لنوستل حتى عام 1939.. وهناك نسخة أخرى من اللوحة موجودة اليوم في متحف بوشكين، موسكو.

*نقد

يشير الناقد الفني وينكلمان إلى الشعبية التي كانت تحظى بها كوفمان، بوصفها رسامة، ومثقفة، وتتقن أكثر من لغة يقول: «تحدثت بالإيطالية والألمانية وعبرت عن نفسها بسهولة باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وكانت إحدى نتائج الإنجاز الأخير لها، أنها أصبحت رسامة بورتريه شهيرة للزوار البريطانيين في روما» ويضيف: «تبدو رقيقة وجميلة، وفي الغناء قد تتنافس مع أفضل الموهوبين لدينا».

في لندن، ظهرت أعمالها في معرض لجمعية الفنانين المستقلين، بعد فترة وجيزة من رسوخ اسمها كفنانة رائدة، وفي عام 1911، كانت الغرف المزينة بأعمالها لا تزال تشاهد في أماكن مختلفة، في القصر الملكي هامبتون كورت بلندن، وكانت لها بورتريهات معروضة في باريس، وفي درسدن -ألمانيا، وفي الأرميتاج بسان بطرسبرغ، وفي ميونيخ، وفي قصر كادريورج بإستونيا، ومن دون شك في أوفيزي بفلورنسا. تم عرض عدد قليل من أعمالها في مجموعات خاصة بين الأساتذة القدامى في بيرلينجتون هاوس.

*كتب

تم نشر سيرة ذاتية لكوفمان في عام 1810 من قبل الفنان وكاتب السيرة الإيطالي الشهير جيوفاني جيراردو دي روسي (1754 - 1827)، هذه السيرة التي تحولت إلى كتاب حرره ليون دي وايلي في 1838، ونشرت في مجلة كونهيل عام 1875 من قبل الكاتبة آن إيزابيلا ثاكيراي بعنوان: «ملاك الجمال» أما الروائية ميراندا ميلر فكتبت رواية عن أنجليكا كوفمان بعنوان: «رسامة العقول» والتي اشتملت على توثيق لحياة الفنانة في أيامها الأخيرة في روما، ووصفتها ميراندا ميلر بقولها: «فنانة مخلصة ولطيفة وحساسة، ولكنها أيضاً ذكية وصاحبة عزيمة قوية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5fx2pf9c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"