بعد زوبعة «فاغنر»

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

الزوبعة التي أحدثتها مجموعة «فاغنر»، بعملية التمرد الفاشلة على القيادة العسكرية الروسية، لن تنتهي تأثيراتها قريباً، وستظل مادة خصبة، لنسج القصص والسيناريوهات، التي قد يفضي بعضها إلى كشف حقائق حول تلك العملية وملابساتها، والمستفيدين منها في ضوء الصراع الدائر في أوكرانيا.

كان مفاجئاً للبعض أن تقوم جماعة «فاغنر» بالتمرد علناً على قادة وزارة الدفاع الروسية، إثر خلافات حول عقود وأموال بشأن المشاركة في العمليات العسكرية في أوكرانيا. ومبعث المفاجأة أن روسيا، دولة عظمى ولها هيبة عالمية، لا يمكن أن يحدث فيها تمرد أو محاولة انقلاب، لأن ذلك لا يتطابق مع الصورة الراسخة في الأذهان عن هذه الدولة الكبرى التي تسعى اليوم إلى المشاركة بحزم في إعادة صياغة النظام العالمي وفق تعدد الأقطاب، بعد نحو أكثر من ثلاثين عاماً من جور القطب الواحد.

عندما حرك يفيغيني بريغوجين عناصر من «فاغنر» إلى روستوف ثم الى موسكو، حبست القوى الغربية أنفاسها، وأخذت تتهامس في ما بينها، لمعرفة مآل هذا المشهد السريالي الذي يحدث على الأراضي الروسية، بينما انتفضت أوكرانيا، وبدأت في تحريض حلفائها على التحرك في هذا التوقيت، بتزويدها بأسلحة فتاكة، تسمح لها باستهداف مناطق خارج حدودها، لكن الحلفاء بزعامة واشنطن كانوا حذرين جداً؛ بل إن بعضهم تواصل مع كبار المسؤولين في موسكو، معربين عن خشيتهم من زعزعة استقرار روسيا التي تملك أكبر ترسانة نووية في العالم.

بعد انتهاء التمرد ونفي بريغوجين إلى بيلاروسيا، أخذت بعض المفاجآت تتوالى؛ ومنها إعلان الكرملين أنه لا صلة للدولة الروسية بشركة «فاغنر»، كما طالب عناصرها المنتشرين في دول إفريقية، بالبقاء في قواعدهم أو مواجهة عقوبات، في الوقت الذي لم ينته فيه السجال في الغرب مع التحذيرات من أن انتشار «فاغنر» في بيلاروسيا، يشكل تهديداً لأمن الجناح الشرقي لحلف «الناتو»، لا سيما لاتفيا التي استدعت لواء ألمانيا، لمساعدتها على تأمين حدودها.

هذه المشكلة المفاجئة في خضم الحرب الأوكرانية، ربما تكون لها نتائج على هذا الصراع. وفي الوقت الذي يرى فيه الغرب أن هذا التمرد يضعف السلطات الروسية وسطوة الرئيس فلاديمير بوتين، لكن تحليلات أخرى ترى عكس ذلك، وتعد أن هذه الحادثة ستدفع إلى تصحيح بعض الأخطاء التي وقعت فيها العملية العسكرية الخاصة، وهو ما سيؤدي إلى مراجعة قيادة المهمات وتوحيد خطابها وأهدافها بما يسمح بتحقيق الإنجازات التي تأخرت كثيراً، وأخذت أكثر من ستة عشر شهراً.

أوكرانيا التي شعرت بالارتياح مؤقتاً يوم الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران، لم يدم تفاؤلها طويلاً؛ إذ سرعان ما عادت القوات الروسية إلى شن ضرباتها العنيفة على مستودعات الأسلحة والمعسكرات. ومباشرة بعد انقشاع غبار حركة التمرد، بدأ المسؤولون الغربيون يفصحون عن الإحباط من الهجوم الأوكراني المضاد، وباتوا لا يتوقعون نتائج حاسمة؛ بل إنهم باتوا أميل إلى أن هذا الهجوم محكوم عليه بالفشل، خصوصاً بعد تمرد «فاغنر» الذي أصاب روسيا في الصميم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4eaee4sp

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"