تطور في المواجهة أم تهور؟

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

من الحقائق المعلومة بالضرورة من وقائع الحرب الروسية  الأوكرانية، بل منذ لاحت نُذرها، أن عاصمتيها الرئيسيتين هما موسكو وواشنطن. وما يتولد من هذه الحقيقة من تفاصيل يمكن تصنيفها سواء في خانة السياسة أو الحرب، هي مجرد توابع وتفرعات تتبدل طبيعتها تبعاً للتطورات الاستراتيجية والعسكرية على الأرض. 

وفي كثير من الأحوال، يطغى الصوت الأمريكي في المعركة على ما سواه من أصوات الشركاء في حلف الناتو، وحتى على صوت الطرف المفترض أنه أصيل في الحرب، وهو أوكرانيا.

 لذلك، استقر رأي معظم المراقبين على أن ما يجري على خط النار الممتد بين الجارتين روسيا وأوكرانيا هو صيغة عصرية للحرب الباردة، لكنها صيغة شديدة السخونة، بل فيها قدر معتبر من التهور، في محاولة لرسم ملامح عالم جديد تتصور الولايات المتحدة الأمريكية أن منافسها الأخطر فيه والأولى بالردع قبل غيره هو الدب الروسي، بينما الوقائع تؤكد أنه تحت قيادة شخصية صلبة وقادرة على المناورة هي فلاديمير بوتين.

كانت واشنطن تتصور أن معركة أوكرانيا بكل ما حشد لها من تأليب غربي ضد روسيا وعقوبات سياسية واقتصادية لن تطول وستنتهي بتحجيم بوتين، غير أن الشهور طالت ودائرة المواجهة العسكرية اتسعت وتخللتها في بعض الأوقات صرخات أوكرانية تستجدي أو تستعجل الدعم وتكاد تقول: كيف الخروج من هذه الورطة؟

ولم تغير في الأمر شيئاً مساعي واشنطن في إقناع شركائها بتزويد أوكرانيا بأسلحة أشيع أنها ستقلب موازين المعركة، وما اعتبر انتصارات أوكرانية خاطفة في بعض الأوقات، وما روج حول استطاعة اليد الأوكرانية تهديد الداخل الروسي بمسيرات أو غيرها أصبح من الماضي. 

في إطار ذلك كله، يمكن فهم قرار واشنطن مد أوكرانيا بقنابل عنقودية بحجة أن الذخيرة الأوكرانية تنفد، فيما الحقيقة هي أن الصبر الأمريكي ينفد وآمال تطويع بوتين أو تطويقه تتضاءل بعد أن دخل النزاع الروسي  الأوكراني عامه الثاني.

وهذا القرار الذي أقر الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه صعب للغاية، لكنه يهدف لدعم أوكرانيا في ما يعرف منذ شهور بالهجوم المضاد، يؤكد ضمنياً فشل هذا التكتيك المتعثر الذي أصبح مجرد تعبير إعلامي هلامي ينطوي على إحباطات متكررة للشارع الأوكراني ومجموعة الحلفاء التي تتحدث باسمه. 

ويؤكد ذلك أنه بعد ساعات من قرار بايدن بشأن القنابل العنقودية، قال مسؤول أمريكي إن الهجوم الأوكراني المضاد على القوات الروسية أبطأ من المتوقع، غير أنه رأى أن بإمكان أوكرانيا بعد فترة أن تحرز تقدماً.

لا أحد يدري عاقبة الفشل أو التباطؤ الأوكراني في الهجوم المضاد، ولا شكل التصعيد الأمريكي وقتها، لكن الواضح أن الحرب ستطول وقد ترافقها موجات تهور لا يمكن التحكم في نتائجها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46yn63d5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"