سلاح المستوطنين.. وعصابات الجريمة المنظَّمة

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاطف الغمري

أطلقت تحذيرات من إسرائيليين، تنبه إلى خطر من زيادة إجراءات تسهيل حمل المستوطنين للسلاح، وإنه خطر لا يدرك الذين هم وراء هذه السياسة، نتائجه. أصحاب هذه التحذيرات وهم إسرائيليون نبّهوا إلى أن وصول الأسلحة بسهولة إلى أيدي المستوطنين، سوف ينتهي بها الأمر إلى أيدي عصابات الجريمة المنظمة، التي تمارس نشاطها عبر شبكة دولية.

من الذين أطلقوا هذا التحذير، ريلا مازالى رئيس ما يعرف بجماعة الحد من حمل السلاح GFKT وهو تجمع يطالب بفرض قيود على حمل السلاح، وقال إن بعض تلك الأسلحة سوف يستخدم في ارتكاب جرائم القتل والعنف حتى داخل إسرائيل وخاصة ضد المرأة، وسوف يزيد من حالات الانتحار.

أيضاً قال إتيكاي ماك وهو متخصص في قضايا حقوق الإنسان، أعتقد أن سياسة الوزير الإسرائيلي بن غفير للتوسع في حمل المستوطنين للسلاح، سوف تجلب نتائج شديدة الخطورة على كل فرد.

صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية نشرت تقريراً لمراسلها في إسرائيل، يقول إنه وجد ازدهاراً لتجارة السلاح في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وإن مبيعات البنادق ازدادت في الشهرين الماضيين بنسبة 100%. وإن تصاعد العنف قد غمر الضفة الغربية خلال العام الماضي، حيث قتل الإسرائيليون 250 فلسطينياً.

ثم إن كثيرين من الإسرائيليين كذّبوا ادّعاءات بن غفير بأنه يعمل على جلب الأمن، عندما فتح الباب أمام زيادة أعداد حملة البنادق، وهو ما يزيد من حالات العنف، والتوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ثم إن بن غفير– وهو أصلاً من المستوطنين– قد اتهم بالتحريض على العنصرية، وهو مؤيد لمنظمة إرهابية إسرائيلية كانت تطالب بتخفيف القواعد التي تسمح بحمل السلاح.

إن الانتقادات لتلك السياسة الإسرائيلية كانت قد بدأت منذ انتقاد الأمم المتحدة لها، وما أعلنته من أن تكاثر أعداد حملة البنادق سيؤدى إلى مخاطر، ودعت لوضع نهاية للتصعيد غير المنطقي الذي ستحققه هذه الإجراءات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنها مضاعفة الاعتداءات وانتهاكات حقوق الإنسان.

ومن داخل إسرائيل خرجت أصوات انتقادات من حركة النشطاء من النساء، التي أعلنت رفضها للتخفيف من القيود على حمل السلاح.

أيضاً اهتمت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بالخوض في هذا الجدل، وقالت إن أعلى نسبة من حملة البنادق، تخص المستوطنين في الضفة الغربية، وذلك وفقاً لإحصائية لوزارة الأمن القومي الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه فإنه ليس مسموحاً لسكان المجتمعات من الأقباط الأرثوذكس، والمدن العربية، بحمل السلاح، إلا في حدود ما هو مسموح لهم به.

في مواجهة تلك التحذيرات، تعالت أصوات تدافع عن هذه القرارات، منها على سبيل المثال ما أعلنه زاند بيرغ عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، بقوله إن أي تخفيف للقيود على حمل البنادق من جانب الشخص الذي نراه مناسباً لذلك، يمثل قوة تضاعف من قوة سياسة الحكومة.

واستوقفت أنظار الرافضين لتلك السياسة جملة قال فيها إن الإرهاب لا يكسب فقط من زيادة أعداد القتلى، بل من زيادة الإحساس بالخوف من الأعمال الإرهابية. وكان التوقف أمام الجملة الأخيرة، خاصة بعد أن اتهمت منظمات يهودية أمريكية عديدة المستوطنين بأنهم إرهابيون.

تلك التحذيرات توافقت زمنياً مع أزمة داخلية اشتدت في الشهرين الأخيرين بين رئيس الحكومة نتنياهو، والأحزاب المعارضة، والتي أدت إلى انقسامات ومظاهرات في شوارع إسرائيل، والتي وصفها عالم التاريخ الأمريكي لورنس ديفيد سون بأنها تظهر أزمة داخلية، تعكس تطاحناً بين الفصائل اليهودية، والتي تتحول الآن إلى معارك سياسية شديدة. وإن تلك الأزمة هي التي دفعت الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوج إلى القول إن كل من يعتقد أن الحرب الأهلية بعيدة تماماً، لا يدرك أن جهنم على الأبواب.

تلك الرؤية المتشائمة حول المستقبل، ليست مقطوعة الصلة بالمخاوف المتزايدة من فتح الباب على اتساعه أمام حمل المستوطنين للسلاح، وهو ما ثبت في كل الظروف من إنهم يحملون مشاعر عداء مزمن تجاه الفلسطينيين، وكان من أبرز تلك المخاوف– حتى على الإسرائيليين أيضاً– وصول هذا السلاح– الذي يسروا إجراءات حمله إلى أيدي عصابات الجريمة المنظَّمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yta3483h

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"