عام حبّ وامتنان

01:30 صباحا
قراءة دقيقتين

ويمر عام هجري، ويطل آخر، ولا أخفيكم الشعور الجميل الذي يغزوني، شعور الحب والامتنان، للكثير، شعور الاطمئنان بوجود الله، شعور الامتنان بوجود الأسرة الكبيرة، وطني الذي يغمرني بالأمن والأمان، الثقة والفخر والحفظ، شعور أسرتي التي تحتويني دائماً، شعور الأصدقاء، الذين لا تكون الحياة إلّا بمشاغباتهم، وذكرياتهم، شعور الدعاء الذي يحميني ويصلني من القريب وممن لا أعرفه، في ظهر الغيب، شعور الرضا بما قسمه الله وأعطاني، شعور الامتنان الأكبر بأنني لا أزال أتنفس وأن هناك فرصة لأن أغفر لنفسي الكثير، أسامحها وأبذل من أجلها الجميل.

لكل المحبين، العشاق أقول: أيها العام الذي يبهرنا منذ بزوغ فجره الأول منذ أيام، أين ستكون أيامنا القادمة في طيّات المشاغل والكثير مما خططنا له، وأردناه؟ وأين ستجوب قلوبنا بحثاً وارتحالاً، في تفاصيل الدنيا والبشر حولنا، وفي غموض الكون وأسراره، في ساعة عزلة، وصخب المارة، في الرجوع إلى الوراء، وفي خطوات صارمة للمستقبل، في الهدوء وفي الاحتدام، في النفس المشتاقة إلى الحب، والروح المتأججة شغفاً، في السعادة وبعض الحزن، في ولادة طفل ورحيل عزيز، في كل الفجأة التي تحصل من حولنا وفي بيوتنا، في التغيير الذي يقلب حياتنا، في بعض الرتابة التي تجعلنا نهدأ ونتنفس قليلاً، في الدراسة والتعب، في السفر والراحة، في اللقاءات الجميلة، وفي الشوق إلى من لن يعود، في القبول بأن لا أحد يستحق أيامنا، وفي اعترافنا بمن كانوا طوق نجاة في مصيرنا، في صلاة لله آخر الليل ودعاء ومناجاة لا تخلو من بكاء، وفي استيقاظ يملؤنا امتناناً إلى الله.

سأخبرك سراً: لا خطط ستكون كما نكتبها، ولا أيام ستمضي كما نريدها، بل هناك حسن الظن بالله وحسن تدبيره، توكل وأخذ بالأسباب، في الترفّق بأنفسنا، والتمهل، في أن نستمتع بالحياة ونعيشها، في التخلّي عن الدوران حول كل شي، والبدء في المشي في خطوط متوازية هادئة مستقيمة متمهّلة، في الحب وفي الوفاء، في الحياة التي تمتلئ جمالاً.

في كل عام نحن نكبر، ننضج، والحياة تخبرنا أسرارها، ورحمة الله تعتلينا ونصير نسخاً أجمل لذواتنا، تتغيّر التحديات والوجوه والأحداث والمواقف، ويتغير مع لون شعرنا وتفاصيل وجوهنا وإحساسنا بالحياة وتفكيرنا بصغائر الأمور؛ فيا صديقي: رفقاً وحباً ومهلاً، بك وبحياتك، أكثر من خلواتك وذكرك الله، وأكثر من الفرح، والسفر، الاكتشاف والتحرر من ثقل الحياة. تذكر: ليس كل ما نريده حقيقة ما يجب أن يكون في حياتنا، وليست الأسماء البرّاقة فرحاً، ولا ترهق نفسك في النظر لمن حولك، فالله كما أعطاهم أعطاك، كن راضياً سعيداً، وعش كل يوم كأنه عام جديد ولدت فيه من جديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"