عادي

التقليد الأعمى وبناء البيوت

23:18 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د. مايا الهواري

التّقليد هو أن يأتي الشخص بعمل من دون أن يفكّر بعواقبه ونتائجه، فلا يُعمل عقله في ذلك، ولا يدرس هذا التّصرّف إن كان يناسبه أم لا، إنّما يقوم فقط بتقليد الآخرين بأيّ عمل كان أو تصرّف، بغية التّقليد فقط، مع العلم أنّ التّقليد له نوعان، إيجابيّ وسلبيّ، فمن قام بتقليد العلماء، وسعى إلى الوصول لما وصلوا إليه، فهذا من التّقليد المحمود الإيجابيّ المثمر، في حين نجد من يقوم بتقليد المشاهير والفنانين والأشخاص ذوي الأهداف الوضيعة والتّائهين في الحياة، فسيتوه معهم، ويضيع في متاهاتها، ولعلّ أهم أسباب ذلك هو التّربية منذ الصغر، وعدم بناء ثقة كبيرة بأنفسهم، ما دفعهم لتقليد غيرهم، وجعلهم قدوتهم في الحياة، كما أن الجهل عامل مهم في ذلك؛ إذ يسيطر على المجتمعات، ويقودها نحو الهاوية، وللمدح المبالغ فيه، دور في ذلك أيضاً، ما يجعل مثل هؤلاء قدوة للجيل الصاعد، لكثرة تسليط الضوء عليهم، متّبعين أسلوب تحقيق الرغبات والشهوات، وتعظيم الأمور التي يقوم بها الكبار من دون التأكد من مدى صحتها، ومواكبتها للحياة.

لقد أصبح شباب اليوم يسير على تقليد الغرب قولاً وفعلاً، من حيث الملبس والأفعال وأشكال الحياة جميعها، خارجاً عن العادات والتقاليد التي تربّى عليها، لدرجة أصبحت بعض الزوجات تقلد صديقاتها بأسلوب حياتها ومصاريفها، من دون إعطاء أي أهمية لقدرة زوجها على ذلك، فهي تريد تأمين متطلباتها بأي طريقة كانت، فإن قامت إحداهنّ بالسفر خارج البلاد والسياحة لا بد أن تقوم صديقتها بنفس الفعل من دون إعطاء الأولوية لمنزلها، ومتطلباته فقد يكون بحاجة إلى مصاريف معينة ضرورية، وهنا نراها تفضل السياحة بدلاً عن ذلك، علماً أنه من الأفضل أن تكون الأولوية للمنزل وتأمين ما يحتاج إليه بشكل صحيح، فهذا التقليد العشوائي، يجب أن يزول، ويحل مكانه بناء الأسرة.

ولا بد أن يعلم المرء أن التقليد العشوائي هو مرض يجب التخلص منه، ويعمل على أن يكون التقليد تقليداً لهدف سامٍ إيجابي؛ بحيث يترافق مع التّجديد، حتى يضع الإنسان بصمته الخاصة في الحياة، ولا يكون مقلّداً بالمطلق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/stdxu35a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"