عادي

النيجر.. ترقب قبل الحرب ولا مؤشرات لتراجع الانقلابيين

18:47 مساء
قراءة 4 دقائق

نيامي (أ ف ب)

يسود الترقب الأحد بشأن احتمال تدخل دول غرب إفريقيا عسكرياً في النيجر قبل ساعات من انتهاء المهلة التي حددتها لقادة الانقلاب، مع تحذيرات متزايدة في نيجيريا والجزائر من خطورة الإقدام على خطوة كهذه.

وكان قادة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) فرضوا الأحد الماضي عقوبات قاسية على نيامي، بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم، وأمهلوا العسكر أسبوعاً لفكّ احتجازه، وإعادته لمنصبه تحت طائلة اللجوء إلى القوة.

ومع قرب انتهاء المهلة بنهاية اليوم، لم تصدر عن المجلس العسكري أي مؤشرات للتراجع عن انقلاب 26 يوليو/تموز الذي أثار قلق دول غربية تتقدمها القوة الاستعمارية السابقة فرنسا.

إلا أن التدخل الميداني لم يحسم بعد، أقله في العلن، فرغم أن قادة جيوش «إيكواس» وضعوا الجمعة «تصوّراً عملياً» لخطة «تدخل عسكري محتمل» بعد اجتماع ليومين في العاصمة النيجيرية أبوجا، فإن الانتقادات لهذه الخطوة المحتملة آخذة في التزايد.

وبرزت انتقادات في نيجيريا التي تتولى حالياً رئاسة «إيكواس» وتعدّ من أبرز أركانها، وتتشارك الدولة التي يبلغ تعدادها السكاني 215 مليون نسمة، حدوداً بطول 1500 كم مع النيجر.

وحضّ كبار السياسيين في نيجيريا الرئيس بولا تينوبو على إعادة النظر في التهديد بتدخل عسكري.

ودعا مجلس الشيوخ النيجيري «رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية بصفته رئيساً للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إلى تشجيع القادة الآخرين في المجموعة على تعزيز الخيارات السياسية والدبلوماسية».

ونصح أعضاء في مجلس الشيوخ من ولايات في شمال نيجيريا التي تتشارك سبع منها حدوداً مع النيجر، بعدم التدخل قبل استنفاد جميع الخيارات الأخرى.

ووفق دستور البلاد، لا يمكن للقوات النيجيرية المشاركة في عمليات خارج الحدود من دون مصادقة مجلس الشيوخ، باستثناء حالات «التهديد الداهم أو الخطر» على الأمن القومي.

وكان تينوبو حضّ هذا الأسبوع على إيجاد «حلّ شامل وودّي للوضع في النيجر».

الجزائر تحذر

كما حذّرت الجزائر من أي تدخل عسكري في جارتها الجنوبية الشرقية التي تتشارك معها حدوداً بطول ألف كم.

وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة تلفزيونية السبت: «نرفض رفضاً تاماً وقطعياً التدخل العسكري في النيجر»، مضيفاً: «ما يحدث في النيجر تهديد مباشر للجزائر».

وشدد على أن «التدخل العسكري لا يحل أي مشكلة بل يؤزم الأمور، الجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها»، سائلاً: «ما هو الوضع اليوم في الدول التي شهدت تدخلاً عسكرياً؟».

ويحظى المجلس العسكري في النيجر بدعم مالي وبوركينا فاسو، الدولتين المجاورتين للنيجر واللتين يحكمهما عسكريون بعد انقلابين في 2020 و2022.

وقال البلدان اللذان تم تعليق عضويتهما في «إيكواس» إنهما سيعتبران أي تدخل مسلح في النيجر بمنزلة «إعلان حرب» عليهما أيضاً، وسيؤدي إلى انسحابهما من الجماعة الاقتصادية.

كذلك، أعلنت تشاد المجاورة عدم مشاركتها في أي تدخل عسكري.

«سيناريو كارثي»

في المقابل، شهدت العلاقات بين المجلس العسكري وفرنسا التي تنشر نحو 1500 جندي في النيجر، توتراً منذ الانقلاب على الرئيس بازوم الذي كانت تدعمه.

وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن بلاده ستردّ «فوراً وبشدّة» على أي استهداف لمصالحها أو مواطنيها في نيامي.

وأكدت الخارجية الفرنسية، السبت، دعمها «بحزم وتصميم» لجهود «إيكواس» ضد الانقلاب، ورأت أن «مستقبل النيجر واستقرار المنطقة بأكملها على المحك».

من جهته، اعتبر وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مقابلة خاصة مع وكالة فرانس برس أن «الإنذار (بالتدخل العسكري) صدر وليس لي أن أعلق عليه، نرى أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تتولى مسؤولياتها في إدارة هذه الأزمة».

ورأى أن الانقلاب في النيجر «خطأ فادح في التقدير، يضعف مكافحة الإرهاب» في منطقة الساحل.

وشددت مجموعة من الباحثين المتخصصين بشؤون الساحل على ضرورة «الحؤول دون السيناريو الكارثي لاندلاع حرب» في النيجر، وذلك في رسالة نشروها السبت في صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية.

وأضاف الباحثون أن هذه الحرب «لن يخرج منها سوى منتصر وحيد: الحركات الجهادية التي تبني منذ أعوام توسعها الميداني على حساب انهيار الدول».

هدوء ما قبل العاصفة

وساد الهدوء، الأحد، شوارع العاصمة التي تعدّ معقلاً للمعارضين للرئيس المخلوع، وأعرب العديد من السكان عن أملهم في تفادي أي تدخل عسكري في بلادهم التي تعدّ من الأكثر فقراً في العالم، على الرغم من امتلاكها موارد طبيعية عدة أبرزها اليورانيوم.

وقال تاجر الأقمشة جاكو داخل متجره في نيامي لفرانس برس: «تدخل إيكواس سيؤدي إلى تفاقم الوضع بحال حصوله»، مشدداً على أن «الناس مستعدون والشعب سيساند القادة الجدد؛ لأننا نريد التغيير».

وخلال الأيام الماضية، بدأ شبان بالتجمع ليلاً عند دوارات وساحات رئيسية في العاصمة، تلبية لدعوة الانقلابيين إلى «اليقظة» حيال «الجواسيس والقوى الأجنبية»، والإبلاغ عن أي تحرك «لأفراد مشبوهين».

في الأثناء، أجلت عدة دول أوروبية مئات من رعاياها في الأيام الأخيرة من النيجر.

وبعد فرنسا وإسبانيا، أعلنت وزارة الدفاع الإيطالية، الأحد، مغادرة 65 عسكرياً النيجر على متن طائرة هبطت في روما السبت، وأشارت الوزارة إلى برنامج لتنظيم رحلات أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrfdecfd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"