تركيا و«إبريق الزيت» الأوروبي

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

قصة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي مثل قصة «إبريق الزيت»، تبدأ ولا تنتهي.هي أشبه بقصة شهرزاد التي كانت تؤجل موتها من خلال حكاياتها لشهريار حتى صياح الديك. هي حكايات تلف وتدور بلا نهاية.

آخر محاولات الانضمام قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبيل انعقاد قمة حلف الأطلسي الأخيرة في ليتوانيا، عندما ربط الموافقة على عضوية السويد بالحلف، بانضمام بلاده إلى الاتحاد، رغم أن أردوغان عدل عن هذه المقايضة لاحقاً، ووافق على انضمام السويد بعد موافقة البرلمان التركي.

يقول أردوغان في معرض شعوره بالإحباط والضيق من الموقف الأوروبي من مسألة انضمام بلاده «إن تركيا تنتظر على أبواب الاتحاد الأوروبي لما يقرب من 50 عاماً».

لم يكتب للمحاولة التركية النجاح، وأردوغان يعرف أكثر من غيره أن مسألة انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي باتت شبه مستحيلة، حيث اعتبر البعض هذه «المقايضة»بمثابة ابتزاز «لا يستحق أن يوليه أحد أي اعتبار» كما يقول الزميل الأول في «مركز كارينغي أوروبا» مارك بيريني.

من الواضح أن تركيا سوف تطرق طويلاً على أبواب الاتحاد الأوروبي ولن تسمع رداً، لأن شروط انضمامها غير متوفرة، ولأن هناك دولاً أوروبية لا تريد انضمامها من الأساس.

يذكر أن تركيا كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية قبل أن تتحول الجماعة إلى «الاتحاد الأوروبي» عام 1993.

وفي عام 1995 وقعت تركيا على اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، وتم الاعتراف بها رسمياً مرشحة للعضوية الكاملة للاتحاد في قمة هيلسنكي في ديسمبر(كانون الأول) 1999. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2005 بدأت المفاوضات الخاصة بعضويتها، حيث اتسمت بالبطء الشديد، بعدما تم فتح 16 فصلاً فقط من بين الفصول ال 35 لاستكمال عملية الانضمام، وكان واضحاًّ أن ذلك يعني تعقيد الانضمام، وهو ما حصل بالفعل إذ توقفت المفاوضات عام 2016 من دون أن تحقق أي تقدم. وما زالت متوقفة حتى الآن.

الحقيقة أن أياً من الدول التي انضمت إلى الاتحاد في السنوات الأخيرة لم تواجه من التعقيدات والشروط ما واجهته تركيا.

من بين ما تواجهه تركيا من شروط هي تلك المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والقصور في سيادة القانون، واتهام أنقرة المتواصل بعدم الوفاء بمعايير كوبنهاغن التي تؤهلها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

المضمر في إشكالية مسألة انضمام تركيا الذي لا يعلن عنه رسمياً، أن الاتحاد الأوروبي هو بمعنى من المعاني «تجمع مسيحي» ل 27 دولة تضم حوالى 450 مليون نسمة، وانضمام تركيا المسلمة (85 مليون نسمة) سوف يشكل خللاً في البنية الديموغرافية للاتحاد.

لذلك فالشروط الأوروبية لن تتوقف، وربما على تركيا أن تنتظر 50 سنة أخرى على أبواب الاتحاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3mw4z6f9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"