المفاوضات الروسية - الأوكرانية تقترب

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

بدأت الاتصالات والمواقف المتعلقة بالحرب الروسية - الأوكرانية تأخذ زخماً متزايداً، يشير إلى أن البلدين باتا على قناعة بأن الحرب يجب أن تتوقف، وأنه لا بد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات للبحث عن تسوية ترضي الطرفين، لأن استمرارها يعني المزيد من استنزافهما، بشريّاً وماديّاً، من دون طائل، وأن رهان كييف على الدول الغربية بتحقيق الانتصار على روسيا صار أقرب إلى الوهم، وربما باتت تدرك أنه يتم استخدامها بيدقاً في رقعة استراتيجيات ليست في مصلحتها.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أعلن استعداده للمفاوضات، على الرغم من قرار عدم التفاوض مع الكرملين، وتأكيده خلال اجتماعه مع وزير خارجية الفاتيكان، بيترو بارولين، أنه «يجب علينا إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن»، كما أعلنت روسيا استعدادها للتفاوض «لكن علينا أولاً أن نفهم مدى استعداد الجانب الأوكراني لهذا الأمر، ومدى حصول كييف على الإذن بذلك، من المسؤولين عنها»، كذلك أكّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اجتماعه مع قيادة وزارة الخارجية، استعداد بلاده للمفاوضات لوضع حدّ للمأساة الأوكرانية.

في موازاة ذلك، نشطت الاتصالات الدبلوماسية بين أكثر من عاصمة بحثاً عن حلول تؤدي إلى المفاوضات، ووقف الحرب، من بينها جولة رئيس وزراء هنغاريا، فكتور أوربان، التي شملت كييف، وموسكو، وبكين، والولايات المتحدة، خلال الشهر الجاري، حيث تقدّم بخطة لإنهاء الحرب قام بتسليمها إلى العواصم المعنية، كذلك قام وزير الخارجية الأوكراني، ديمترو كوليبا، بزيارة إلى بكين، والتقى نظيره الصيني، وانغ يي، حيث اتفقا على «أن تعمل جميع الأطراف معاً، لإيجاد أرضية مشتركة، ونقاط تلاقٍ على طريق استعادة السلام الحقيقي، لأن كييف تحتاج إلى سلام حقيقي، وليس مجرّد وهم». من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن الجانب الأوكراني «مستعد وراغب في مفاوضات مع روسيا تكون عقلانية، ولها أهمية عملية، وتهدف إلى تحقيق سلام عادل ودائم».

من جهته، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن بلاده ستواصل جهودها لحل النزاع الأوكراني، من خلال إجراء مفاوضات، مفتوحة وسريّة، مع أطراف النزاع، وقال «نحن على استعداد لبذل كل ما في وسعنا للتوصل إلى تسوية في أوكرانيا»، وأضاف «المفاوضات والاجتماعات مستمرة، سواء كانت مفتوحة، أو مغلقة، مع أطراف النزاع، ومع الذين يدعمون عملية التسوية من خلال الحوار».

يذكر أن إسطنبول كانت احتضنت مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في مارس/ آذار 2022، انتهت بالتوصل إلى اتفاقات لحل النزاع، إلا أن الجانب الأوكراني تخلّى بعد ذلك عن تنفيذها، تحت ضغوط أمريكية وبريطانية، ووعود بتقديم ما يلزمها من دعم عسكري ومالي، لمواصلة الحرب، وإلحاق الهزيمة بروسيا.

هناك الآن أجواء سياسية جديدة توحي بأن الجميع بات يسلّم بضرورة وضع حدّ لهذه الحرب من خلال المفاوضات، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لتهيئة الظروف المناسبة من جهة، ومن جهة أخرى، التوصل إلى صيغة تؤدي إلى تجسير العلاقات الروسية الأوكرانية، وسدّ الفجوات بين مطالب البلدين، إذ تطالب كييف بانسحاب روسيا من المناطق التي احتلتها، بما فيها شبه جزيرة القرم، وضمان استقلالها، وسيادتها، فيما تدعو روسيا إلى انسحاب القوات الأوكرانية من دونيتسك، ولوغانسك، ومقاطعتَي خيرسون وزابوريجيا، وعلى أن تتخلى كييف عن السعي للانضمام إلى حلف «الناتو»، وعلى أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، وخالية من الأسلحة النووية.

هناك الآن باب مفتوح للمفاوضات وتحقيق السلام الذي يحتاج إلى تنازلات مؤلمة، ولكن لا بد منها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2857fhrt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"