عادي

الوقت رأسمالك

21:49 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

الوقت هو رأسمالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به السعادة، وكل جزء يفوت من هذا الوقت خالياً من العمل الصالح، يفوت على العبد من السعادة بقدره.

ولذلك كان السلف رضي الله عنهم لا يفرطون في ساعة ولا في لحظة، بل ولا نفس، قال رجل لعامر بن قيس: قف أكلمك، قال لولا أني أبادر لكلمتك، قال الرجل، وماذا تبادر؟ قال أبادر طلوع روحي. وصدق، رحمه الله، فإن الوقت لا يقف محايداً أبداً، فهو إما صديق ودود ينفعك ويسرك، وإما عدو لدود يحزنك ويضرك، وإنما أنت أيام، فإذا مضى يوم مضى بعضك.

إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً فإنما الربح والخسران في العمل

قال ابن الجوزي: «ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته، فلا يضيع فيه لحظة في غير قربة». وقال عليّ: «بقية عمر المرء ما لها ثمن، يدرك بها ما فات ويحيى بها ما أمات، إذا كان رأس المال عمرك، فاحترز عليه من الإنفاق في غير واجب».

وقال الحسن: «وعظتني كلمات سمعتها من الحجاج، سمعته يقول: إن امرأً ضاعت ساعةٌ من عمره في غير ما خُلق له، لحريٌ به أن تطول حسرته يوم القيامة».

والأوقات المختارة والمفضلة، كالجمعة ورمضان، من أنفس لحظات العمر، وهكذا الأيام الغالية والمواسم الفاضلة سريعة الرحيل، وإنما يفوز فيها من كان مستعداً لها مستيقظاً إليها. فإذا أدرك الإنسان قصر الأوقات علم أن مشقة الطاعة سرعان ما تذهب، وسيبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب وانفساح الصدر وفرحة العبد بطاعة الرب سبحانه.

وكم من مشقة في طاعة مرت على الإنسان فذهب نصبها وتعبها وبقى أجرها عند الله إن شاء الله، وكم من ساعات لهو ولعب وغفلة ذهبت وانقضت لذتها وبقيت تبعتها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله فيها» رواه الطبراني. وساعة الذكر ثروة وغنى وساعة اللهو إفلاس وفاقات.

ولله در القائل:

دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان

قال أبو الدرداء: إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.

فيا أبناء العشرين! كم مات من أقرانكم وتخلفتم؟! ويا أبناء الثلاثين! أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم؟ ويا أبناء الأربعين! ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم! ويا أبناء الخمسين! تنصفتم المئة وما أنصفتم!! ويا أبناء الستين! أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم، أتلهون وتلعبون؟ لقد أسرفتم!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ae5539n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"