جرس الغليان المناخي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

دأب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على إطلاق صيحات الفزع بشأن المناخ. وتفاعلاً مع موجة الحر غير المسبوقة التي ضربت الجزء الشمالي من الكرة الأرضية هذا الصيف أعلن أرفع دبلوماسي دولي أن عصر الغليان بدأ على كوكب الأرض، متجاوزاً بذلك مصطلح الاحتباس الحراري المستخدم في توصيف أزمة التغير المناخي التي تنتظر حلولاً عاجلة، وباتت أخطر على العالم من حرب نووية، على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

موجة الحر، التي سجّلت أعلى درجات على الإطلاق، رافقتها سلسلة واسعة من الحرائق ضربت العديد من دول البحر الأبيض المتوسط شملت البرتغال، وإسبانيا، وإيطاليا، واليونان، وتركيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وسوريا، وقبرص تزامنت أيضاً مع فيضانات جارفة في آسيا سببت خسائر وأضراراً كبيرة في العاصمة الصينية وأقاليم آسيوية أخرى. ولفتت هذه الظواهر انتباه الخبراء وعامة الناس، بل إن إحدى الدراسات ذكرت أن الأرض مرّت في يوليو الماضي بأحرّ شهر منذ 120 ألف عام ومنذ بداية تسجيل البيانات المناخية في العالم.

وربما يكون هذا الوضع أقوى جرس إنذار ينبّه إلى ضرورة اليقظة والحذر، فارتفاع درجات الحرارة غير المألوف يؤكد اختلال النظام المناخي، ويفاقم الأزمات المصاحبة لهذا الغليان مثل الجفاف، وتغير أنماط هطول الأمطار، واشتداد العواصف الرعدية القاسية، والفيضانات الضخمة، إضافة إلى الحرائق الواسعة التي تندلع عند توفّر أي شرارة سواء كانت طبيعية أو بشرية.

وفي المستقبل يبدو الآتي أشد قسوة، فدرجات الحرارة لن تتوقف عن الارتفاع طالما لم يتوقف البشر عن التسبب في انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ولذلك يؤكد الخبراء والعارفون أن حل أزمة المناخ بين أيدي البشر حصراً وليس لدى الطبيعة، وأي فشل في هذا الاتجاه سيفاقم الأوضاع إلى درجة لا تحتمل.

الجهود الدولية لمعالجة أزمة المناخ مستمرة وساعية إلى تحقيق التوافق الدولي المطلوب بين الأطراف المختلفة لتحقيق الأهداف المرجوة. وبعد أربعة أشهر من الآن ستتشرف دولة الإمارات باستضافة cop 28 الذي تترأسه باقتدار، وتأمل أن يتوصل هذا المؤتمر إلى إرساء تعاون دولي فعال يلبي التطلعات المشتركة لكل الدول والجهات ذات الصلة. ولا يتحقق ذلك إلا بتوحيد الرؤى والأفكار والتوجهات، وتذليل العقبات التي تواجه العمل المناخي المتعدد الأطراف. وبالنظر إلى الوقائع والظواهر واستنتاجات العارفين والخبراء، فإن الإنسانية ربما تواجه الآن أخطر مرحلة في تاريخها، ومع خصم لا يمكن هزيمته بالتجاهل واللامبالاة، فالطبيعة لن تخسر في هذه المعركة، بل الإنسان هو الخاسر الأكبر.

السباق بين البشر والتغير المناخي بلغ مرحلة حرجة، وفي كل عام تتوالى القرائن على أن الأزمة تتفاقم ومصير الحياة يتدهور. وأمام هذا التحدي لا يسمح الوقت بالاختلاف الدولي، بل إن حتمية حماية المناخ تفرض أن تختفي كل الصراعات والخلافات، وأن ينصب الجهد الدولي كله على الحد من الاحتباس الحراري وحماية الحياة على هذه الأرض التي كرم الله بها الإنسان واستخلفه فيها ليعمرها بالخير إلى يوم يُبعثون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrfjkcvr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"