ممنوع الهدم

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

حسناً فعلت إمارة أبوظبي، في قرارها منع هدم 64 موقعاً، وهو يمثل المجموعة الأولى من المواقع الممنوع هدمها، حيث أعلنت دائرة الثقافة والسياحة ذلك، انطلاقاً من أن تلك المباني تروي التاريخ الحديث للإمارة، إذ ترى أن تلك المباني، بالقدر نفسه من الأهمية للمواقع الأثرية والمباني التاريخية، تتطلب حماية فورية وغير مشروطة. وجاء في القرار كذلك، أنه لن يسمح بأي طلبات هدم لهذه المواقع، بل ستعطى الأولوية لصيانتها وإعادة تأهيلها، وفقاً لدرجة تصنيفها. وجاء في الخبر الذي نشرته الصحف أن السبب من وراء ذلك القرار، هو القيمة التاريخية في الذاكرة الجماعية لسكان الإمارة، وعدّه شهادةً تاريخيةً حيةً تسرد قصة أبوظبي، عبر هويتها المعمارية والحضرية.
القرار بلا أدنى شك صائب، ويحمل في طيّاته الكثير من العبر، خصوصاً إذا عرفنا أن بعض تلك المباني المشمولة بقرار عدم الهدم، كانت معرّضة للهدم والإزالة التامة قبل سنوات عدة، ولله الحمد أن الأفكار المطروحة في تلك المرحلة، وكانت تدعو لهدمها واستبدال مبان جديدة بها، لم تجد القبول أو الطريق إلى التنفيذ، وإلّا كنا سنفقد معالم من أهم المعالم المعمارية، ليس في تاريخ أبوظبي، وحسب، بل في تاريخ الإمارات والثقافة والعمران.
إن القرار الذي اتخذته الجهة المعنية بالأمر في أبوظبي، يستحق أن تحذو حذوه كل الإمارات، بحيث يصدر قرار في كل إمارة، يحافظ على المباني التاريخية التي لها عمق في الوجدان الاجتماعي، ولها في ذاكرة الناس وقلوبهم موقع خاص، وتمسّ عاطفتم ووجودهم وحضورهم بشكل أو بآخر، خصوصاً أننا شهدنا قرارات هدم وإزالة مبانٍ لم يكن لها طراز معماري خاص، فقط، بل يمثل فناً معمارياً أصيلاً خليجياً وعربياً، وبناء مبان لا تمت بصلة للشكل ولا الهوية المعمارية العربية بصلة،  مبان إسمنتية زجاجية لا تعبر عن حضورنا ولا وجداننا ولا هويتنا.
 لست من مناهضي العمارة الحديثة، بل معها بالشكل الذي ينطلق من هويتنا ويضيف لها بعداً وعمقاً وأصالة، حداثة لا تفقدنا هويتنا وتمكننا من ترك بصمة عمرانية حقيقية تفاخر بها الأجيال القادمة، كما نفاخر نحن اليوم بما تركه لنا الأسلاف والأجداد والآباء، من تراث عمراني له شكله ومضمونه وبداعته، يتّسم بالأصالة ونابع من واقع هذه الأرض وطبيعتها.
بلا شك قرار أبوظبي خطوة أولى كما جاء في الخبر المنشور، نرجو أن تتبعه قرارات أخرى تحفظ لنا ولأجيالنا القادمة تاريخاً بصرياً حياً، مع الأمنيات بأن نسمع بقرارات مشابهة من الجهات المعنية في الإمارات الأخرى.
وكل التحية، والشكر والاحترام، لمن كان وراء هذا القرار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4x3bf7jr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"