عادي

المروءة

22:35 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

حقيقة المروءة أنها اتصاف النفس بصفات الكمال الإنساني التي فارق بها الحيوان البهيم، والشيطان الرجيم، إنها غلبة العقل للشهوة، وحد المروءة استعمال ما يُجمل العبد ويزينه، وترك ما يدنسه ويشينه، سواء تعلق ذلك به وحده، أو تعداه إلى غيره.

والمروءة سجية جُبلت عليها النفوس الزكية، وشيمة طبعت عليها الهمم العلية، وضعفت عنها الطباع الدنية، فلم تطق حمل أشراطها السنية. إنها حلية النفوس، وزينة الهمم، فما هي حقيقتها؟

قال بعض السلف: خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركّب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم.

وإذا علمنا أن المروءة هي رصد كل خلق حسن، واجتناب كل خلق قبيح؛ فإن لكل عضو من الأعضاء مروءة على ما يليق به فمروءة اللسان: حلاوته وطيبه ولينه ومروة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض ومروءة المال: بذله في المواقع المحمودة شرعاً وعقلاً وعرفاً ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه ومروءة الإحسان: تعجيله وتيسيره، وعدم رؤيته، وترك المنة به، وهذه هي مروءة البذل والعطاء، أما مروءة الترك فتعني ترك الخصام والمعاتبة، والمماراة، والتغافل عن عثرات الناس.

إن أعظم دواعي المروءة شيئان أحدهما: علو الهمة. والثاني: شرف النفس: أما علو الهمة: فلأنه باعث على التقدم والترقي في المكارم أنفة من خمول الضعة، واستنكاراً لمكانة النقص، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها»، وقال عمر رضي الله عنه: «لا تصغرن هممكم؛ فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمة».

وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسامُ

وأما شرف النفس: فبه يكون قبول التأديب، واستقرار التقويم؛ فإن النفس إذا شرفت كانت للآداب طالبة، وفي الفضائل راغبة، وعن الدنايا والرذائل نائية، قال بعض الشعراء:

إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها هواناً بها كانت على الناس أهونا

فنفسك أكرمها وإن ضاق مسكنٌ عليك لها فاطلب لنفسك مستكنا

وإياك والسكنى بمنزل ذلةٍ يُعد مسيئاً فيه مَن كان مُحسنا

ومما لا شك فيه أن الإسلام جاء بتحصيل كل فضيلة ونبذ كل رذيلة، ومن أهم ما جاء به الإسلام لتمييز شخصية المسلم عن غيره الأخلاق والآداب والعقائد والأحكام، والمروءة خلق جليل وأدب رفيع تميز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات المروءة خَلَّةٌ كريمة وخَصْلَةٌ شريفة وهي أدب نفساني تحمل الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات نعم.. المروءة صدقٌ في اللسان، واحتمال للعثرات، وبذل للمعروف، وكف للأذى، وكمال في الرجولية، وصيانة للنفس، وطلاقة للوجه، المروءة من خصال الرجولة فمن كانت رجولته كاملة كانت مروءته حاضرة، المروءة من أخلاق العرب التي يقيسون بها الرجال ويزنون بها العقول، حقاً.. إنها كلمة لها مدلولها الكبير الواسع، فهي تدخل في الأخلاق والعادات، والأحكام والعبادات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5cjfzsje

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"