المسيَّران.. والمسيَّرات

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ذهب الرئيسان الأوكراني والروسي فولوديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين مسيَّرين إلى حرب، ربما سعى في إشعالها وتأجيجها أكثر منهما أطراف أخرى أرادت تقليم أظفار «الدب الروسي»، من دون مواجهة مباشرة معه باستخدام الجار الأوكراني.

بوتين، يمكن القول إنه مسيَّر، ربما لأنه لم يختر الصراع، أو على الأقل توقيته، ودائماً ما يؤكد أنه يرد على تخطيط أمريكا وحلفائها الأوروبيين إلى محاصرة روسيا، والجور على ما يعتبره أراضيها التاريخية وأن الرد على ذلك كان حتمياً.

مرّ الصراع بمراحل ومنعطفات عدة، بدا في بعضها محسوماً لمصلحة روسيا، بالنظر إلى فارق الإمكانيات، لكنه طال وبشّر رعاته في أمريكا وأوروبا بقرب انتصار أوكرانيا؛ رهاناً على دعمها المعنوي، ووعدها بالأسلحة الحاسمة، وفي مقدمتها «إف -16» الأمريكية.

كان المنتظر أن تقلب «إف- 16» وغيرها من أسلحة، مجريات الصراع لترجّح كفة أوكرانيا، لكن التأجيل والتسويف، والخوف من تورط أية دولة في مواجهة مباشرة مع روسيا حين تزود غريمتها بالعتاد صنعت نجومية المسيَّرات.

هذه المسيَّرات على صغرها أصبحت محور «الهجوم المضاد» الذي راهنت عليه أوكرانيا وحلفاؤها منذ شهور، ورغم ذلك لا تزال مجرياته مربكة، فمرّة يقولون إنه بدأ وحقق مكاسب، وأخرى يعلنون قرب انطلاقه، وثالثة يصفونه بالصعب في ظل عدم توفر الأسلحة التي تنتظرها كييف.

وسط هذا الإرباك لاحت المسيَّرات التي تحمّلها أوكرانيا رسائل عدة؛ في مقدمتها أن الصراع لم يُحسم، وأنها قادرة على فرض توازن الرعب أو التهديد في مواجهة الآليات الروسية رغم أي فوارق. بداية، وصلت المسيَّرات إلى أماكن حساسة في موسكو، وراج وقتها أنها أصبحت تهديداً قوياً، ثم تواصل ظهورها، وفي كل مرة يكون ردّ الجانب الروسي ساحقاً ويفوق ما تعرض له آلاف المرات، حتى تصور البعض أن هذه الطائرات الصغيرة أصبحت ذريعة توفرها كييف بالمجان للهجمات الروسية.

الآن، تزاحم طائرات «إف - 16» هذه المسيَّرات بعودتها إلى الساحة، لكن في صيغة وعود جديدة لأوكرانيا بالحصول عليها، ومن طرف ثالث، وليس من صانعها الأمريكي.

الطرف الثالث هو هولندا والدنمارك اللذان وعدا زيلينسكي بنحو 60 طائرة من هذا الطراز بضوء أخضر من الولايات المتحدة، لكن عند توفر اشتراطات التسليم التي لم يفصح عنها أي طرف.

الرئيس الأوكراني يعتبر هذا الوعد تحولاً في المواجهة مع روسيا، فالطائرات الأمريكية مطلبه الملحّ منذ بدايات الصراع، لكن الولايات المتحدة كانت تؤجل التورط المباشر فيه بظهور سلاحها في ميدان المعركة.

ورغم أن تعهد هولندا والدنمارك هو الأول فعلياً بتسليم طائرات «إف - 16» للجيش الأوكراني، وهذا ما يريح زيلينسكي، فإن تقارير، وبعضها أمريكي، تقول إن أساس هذا الارتياح واهٍ، ليس فقط لاشتراطات التسليم المجهولة، ولكن أيضاً لأن الطائرات التي بحوزة البلدين قديمة، وأنهما يتخلصان منها تدريجياً.

ربما في ظل هذه الظروف تتفرد المسيَّرات بالساحة؛ وتبقى السلاح الأمضى الذي يستفز بأكثر مما يضر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jd2ex4s

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"