«فاغنر» بعد بريغوجين

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

بمعزل عن التحليلات والتكهنات المرتبطة بحادثة مقتل زعيم «فاغنر» يفيغيني بريغوجين، وهي كثيرة جداً على أي حال، فإن السؤال المحوري يظل قائماً حول مصير إمبراطورية «فاغنر» نفسها، بعد رحيل زعيمها، وما إذا كانت ستختفي أم أنها ستواصل لعب دورها المؤثر في العديد من مناطق العالم ربما بثوب جديد أو تحت قيادة جديدة؟

لا يمكن الجزم بأن مقتل بريغوجين كان عملية اغتيال مدبرة كما تصر الآلة الإعلامية الغربية على تصويره، وإسناد الاتهام مباشرة إلى الكرملين والرئيس بوتين بالوقوف وراءها على خلفية تمرد بريغوجين في يونيو/ حزيران الماضي، من دون تقديم أي دليل، أو أنها كانت مجرد حادث عادي وقع قضاء وقدراً، ففي الحالتين يمثل ذلك استباقاً لنتائج التحقيقات التي تعهدت موسكو بنشرها على الملأ. وبالتالي لا يمكن الأخذ بالرواية الغربية، لاعتبارات تتعلق بمواقف الغرب المسبقة من روسيا. كما لا يمكن نفي أن تكون الحادثة مدبرة، لاعتبارات تتعلق بإزالة بريغوجين نهائياً من المشهد الروسي.

لكن مهما كانت نتائج التحقيقات، فإنها لن تغير من حقيقة أن «فاغنر» بعد بريغوجين ستظل حاجة روسية؛ لاستكمال دورها ومهامها في الساحة الدولية؛ ذلك أن «فاغنر» كشركة أمنية خاصة، خدمت ولا تزال تخدم المصالح الروسية الحيوية، خصوصاً في المناطق التي لا تستطيع روسيا التدخل فيها بشكل رسمي، وقد حققت نتائج هائلة، ومكاسب كبيرة، لها ولروسيا أيضاً، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي من خلال التنقيب عن النفط والمعادن النفيسة والذهب وتجارة الأخشاب وغيرها. كما أنها ترتبط بعقود رسمية مع الكثير من الدول الإفريقية التي تقوم بمساعدتها في الحرب على الإرهاب واستقرار أنظمتها وإمدادها بالسلاح.

وهنا نشير إلى أن روسيا ليست الوحيدة التي لديها شركات أمنية خاصة، فمعظم دول الغرب الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، تملك مثل هذه الشركات، ولعل الجميع يتذكر المجازر التي ارتكبتها شركة «بلاك ووتر» بحق المدنيين أثناء غزو العراق، لكن ما ميز «فاغنر» هو النجاحات الكبيرة التي تمكنت من تحقيقها على مختلف الصعد.

وبالعودة إلى السؤال حول مصير «فاغنر»، فإن المرجح، بحسب معظم المحللين والمتابعين، هو الإبقاء عليها بحلة جديدة، وتحت قيادة جديدة، أكثر انضباطاً وطواعية للكرملين، بما يحقق المصالح الروسية، ويطوي صفحة التمرد. وقد مهد لذلك الرئيس بوتين بمرسوم يلزم العناصر الأمنية في الشركات الخاصة بأداء ولاء القسم لروسيا، في وقت تحدثت تقارير إخبارية عن قيام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف بإبلاغ قيادات ليبية بأنه سيتم تعيين قائد جديد ل«فاغنر»، ولن يتم أي تغيير في مهامها والتزاماتها.

وكانت تسريبات صحفية قد تحدثت عن أن بريغوجين اجتمع خلال زيارته الأخيرة لإفريقيا مع العديد من القيادات والمسؤولين الأفارقة، وطمأنهم بشأن استمرار عمل «فاغنر» في البلدان التي تتواجد فيها وفقاً لالتزاماتها والاتفاقات الموقعة معها. وبالتالي فإن الرهانات التي تتحدث عن تلاشي «فاغنر» أو انسحابها من الساحة الدولية، يبدو أنها مجرد تكهنات لا أكثر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vfx7ey8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"