عادي

«الخلاوي».. كتاتيب مصرية برسم الصحراء

17:25 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

تجذب الكتاتيب المنتشرة في صحاري مصر الشرقية، والممتدة على طول الحدود السودانية، في تلك الفترة من كل عام، مئات من الأطفال، لتعلم أصول الكتابة العربية، وحفظ القرآن الكريم، فتتحول إلى ما يشبه خلايا النحل، على ما تضمه من صبية في مختلف الأعمار.

ويطلق السكان المحليون في مناطق حلايب وشلاتين، على تلك الكتاتيب الصغيرة اسم «الخلاوى»، التى يقوم على الخدمة فيها، رجال متطوعون، أو حفظة للقرآن الكريم، مقابل أجور زهيدة، لتعليم الأطفال أصول اللغة والدين، حيث تفتح تلك الخلاوي أبوابها للدارسين من البنات والبنين، طوال فترة الأجازة الصيفية، وتستمر طوال العام في مواعيد محددة، ما يجعلها قبلة لمئات من الصبية الذين يتدفقون عليها في المساجد الكبيرة من مختلف الأودية القريبة من مدينتي حلايب وشلاتين.

ويبدأ عمل الخلاوي منذ الساعات الأولى للصباح الباكر، وتستمر حتى نهاية النهار، لتعليم الصبية مختلف فنون قراءة القرآن الكريم، وقواعد اللغة العربية، إلى جانب فنون التعامل مع الطبيعة الصحراوية القاسية، حيث يشارك الصبية في أنشطة متعددة ترسخ أهمية العمل الجماعي، مثل المساهمة في حفر الآبار، للحصول على المياه النقية، والمشاركة في زراعة جميع أنواع الخضراوات، إلى جانب فنون رعي الإبل.

ويتدرج طلاب الخلاوي خلال مراحل التعليم بها، بداية من التعليم الأساسي، الذي يحصل خلاله الصبي على أساسيات قواعد اللغة العربية، وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، وانتهاء بدراسة العلوم الشرعية، وكتب الحديث والفقه الإسلامى، على يد علماء متخصصين من أبناء الصحراء.

وتعد الخلاوي المنتشرة في صحراء مصر الشرقية، أحد أشكال الكتاتيب التي عرفتها مصر منذ أيام الدولة الفرعونية، اذ ترجع كثير من الدراسات نشأة الكتاتيب إلى ما كان يعرف باسم «مدارس المعابد»، وهي تلك المدارس الدينية التي كانت تنتشر في العديد من المعابد الفرعونية القديمة، وكانت تمنح طلابها بعد اجتياز فترة الدراسة شهادة كانت تسمي «كاتب تلقي المحبرة».

واستمرت «مدارس المعابد» بعد دخول المسيحية إلى مصر، لتعليم طلابها أسس الكتاب المقدس، و تعاليم الديانة المسيحية، واستمرت على هذا النحو حتي دخول الاسلام إلى البلاد، فاتجهت لتعليم طلابها علوم القرآن والفقه والشريعة، وقد لعبت الكتاتيب دوراً كبيراً على مر العصور، في تقليل معدلات الأمية في البلاد، ومحاربة تفشي الأمية في مختلف القري المصرية، ورغم أنها لم تكن تمنح شهادات لطلابها، إلا أنها كانت تمثل حجر الأساس لكثير من الطلاب، في تعلم قواعد اللغة الصحيحة، والحفاظ على اللغة العربية من الاندثار، خصوصاً خلال فترات الاحتلال الأجنبي، والحفاظ على الهوية العربية لمصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/x7svd6yr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"