عادي
غطاسون إماراتيون ينجحون في انتشال سيارتين

مينـاء درنـة مكــبّ لجثـث وحطـام وركـام أغـراض منزليـة

23:55 مساء
قراءة 3 دقائق
1
ميناء درنة.. من عروس للبحر إلى مكب حطام وجثث
ميناء درنة.. من عروس للبحر إلى مكب حطام وجثث

تحوّل ميناء درنة شرقي ليبيا من مرفأ لاستقبال السفن والبضائع والركاب، وينطلق منه الصيادون، إلى مكبّ لجثث وسيارات وركام، بعد فيضانات جرفت أحياء كاملة من المدينة نحو البحر، قبل أيام.

وخلال الأيام الماضية، خلا الميناء من العمال والصيادين والمارة، وتوقفت سفن قليلة فيه. وحدها فرق البحث والإنقاذ المحلية والدولية تنشط في المكان للمساعدة في انتشال ما استقرّ في قعر حوضه.

بين هذه السفن، القاطرة «إيراسا». كانت موجودة في مياه الميناء أيضاً ليلة العاشر من سبتمبر/أيلول عندما ضربت العاصفة «دانيال» شرقي ليبيا وتسبّبت بانهيار سدّين في أعلى درنة، ما أدى إلى فيضانات جرفت في طريقها أبنية وجسوراً، وأوقعت 3351 قتيلاً على الأقل، في أحدث حصيلة رسمية مؤقتة لسلطات شرق ليبيا، بينما لا يزال هناك آلاف المفقودين. يروي قائد القاطرة علي المسماري (60 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية أنه فكر في اللحظات الأولى بإخراج السفينة من الميناء لتفادي ارتطام حطام بها، وتجنّب تعريض طاقمها للخطر. لكنه أكد أنه لم يرَ جدار الميناء ليتمكّن من تحديد موقع المخرج، بسبب ارتفاع مستوى البحر. ويقول «لم يكن هناك إلا الدعاء لا أكثر».

عندما طلع النهار، ظهر هول الكارثة. ويعدّد المسماري ما رآه في حوض الميناء «شاحنات عملاقة، وإطارات، وناس، ومنازل، وأشجار نخل كاملة، وحطب، وغرف نوم، وسخانات، وغسالات، وثلاجات».

وإن كان قسم كبير من كل هذا غرق في المياه بعد ساعات، فعلى الرصيف، تتناثر اليوم أغراض شخصية لفظها البحر، أو استخرجها غطاسون.

وأكد رئيس لجنة الأزمة في مصلحة الموانئ والنقل البحري الكابتن محمد شليبطة أنه يتم تنسيق الجهود «للبحث عن الأغراض العالقة في ميناء درنة، حيث يُتوقع أن يكون هناك أشخاص داخل مركباتهم الآلية التي غرقت».

الميناء مقسم إلى قطاعات

وأشار إلى أن «الميناء مقسم إلى قطاعات، وكل منطقة كُلّف بها فريق معين». ويتولى فريق إماراتي أحد القطاعات. وقد وصل مع معداته وبينها قوارب ودباب البحر (جيت سكي)، وبدأ عمليات تفتيش عبر الغطس والتحسس، إذ إن «الرؤية معدومة» في المياه الداكنة، التي تحوّل لونها إلى البني بسبب الوحول، وفق ما يقول الغطاسون.

فريق إماراتي 

كان قائد الفريق العقيد علي عبدالله النقبي يعطي توجيهاته إلى عناصره، مشدداً على ضرورة اتخاذ أقصى إجراءات الوقاية.

من على متن مركب أصفر، نزل أربعة غطاسين إماراتيين يحملون على ظهورهم قوارير أكسيجين، كل اثنين في موقع يربط بينهما حبل أمان. بعد وقت قصير، خرج أحدهم وقال: «ربطنا الحبل بسيارة، لا نرى شيئاً، ربطنا الباب أو الحاجب العلوي»، كذلك عثر غطاس ثانٍ على سيارة أخرى.

 إثر تحديد موقع السيارتين، أُحضرت رافعة بالتنسيق مع السلطات الليبية أَخرجت إحدى السيارتين.

رُفعت السيارة بحبل واحد ثمّ اقترب الغطاسون مجدداً لربطها بحبل ثانٍ من طرف آخر. تمّ إبعاد جميع الأشخاص مسافة لا تقلّ عن 10 أمتار خوفاً من سقوط وحول أو مياه، أو حتى أشلاء بشرية من السيارة أثناء إخراجها.

بعد إنزال السيارة المحطّمة على رصيف المرفأ، اقترب فريق متخصص في التعامل مع الجثث يرتدي بزات بيضاء وقفازات ويضع كمامات، للكشف عمّا في داخلها. وأعلن الفريق أخيراً أن لا جثث داخلها.

ويرجح أن تستغرق عملية انتشال ما استقر في قعر حوض الميناء، أو حتى في قعر البحر أبعد من الميناء، وقتاً طويلاً.

وتتكثّف جهود الإنقاذ أيضاً في البحر قبالة ساحل المدينة المنكوبة كله، بعد أن جرف التيار الكثير من الجثث إلى الناحية الشرقية، بحسب مصادر ملاحية.

وقال قائد الفريق الإماراتي حافظ عبيد: «التعامل مع جثة في البحر أسهل من التعامل مع الجثث التي تكون على البرّ، لأن نسبة الملوحة تشكل عازلاً على الجلد».

في القاطرة «إيراسا»، يروي المسماري أن صيادين على متن «مراكب الصيد الخاصة كانوا أول من هرع لإنقاذ الأحياء ثمّ انتشال الأموات» ليلة الكارثة.

كان البحار الليبي أُبلغ بقدوم العاصفة «دانيال»، لكن عند الساعة الثانية والنصف «اهتزّت القاطرة البحرية بشكل غير عادي وغير مسبوق».

إلى جانبه، أكد العامل الفني في القاطرة توفيق أكروش (61 عاماً) أن «منسوب المياه ارتفع فوق الرصيف بنحو متر ونصف المتر مع وصول سيارات وآليات بكمية هائلة».

عجوز تختبئ داخل ثلاجة

ومالت السفينة بعد أن اصطدمت فيها مياه الفيضانات، فأشعل طاقمها المحركات وقطع الحبال لإبعادها عن الرصيف.

فجراً، سمع طاقم السفينة صوت صراخ يطلب النجدة فهرع للمساعدة. وتبيّن أنها عجوز تختبئ داخل ثلاجة طافية على وجه الماء، وقد نجت بأعجوبة. كانت تسأل «أين أختي؟»، بحسب رواية البحارَين.

لاحقاً، أنقذ الطاقم أيضاً رجلاً مصرياً. ويروي المسماري أن الناجي قال لهم إنه «بعد النوم وجد نفسه هنا»، مضيفاً «ربما كان في غيبوبة».(أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bd2mrxzn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"