هل تلحق الأمم المتحدة بعصبة الأمم؟

00:29 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

معظم المشاركين في اجتماع الجمعية العامة تحدثوا عن ضرورة إصلاح المنظمة الأممية، لشعورهم بأنها لم تعد قادرة على تحقيق الأهداف المنوطة بها منذ تشكيلها العام 1945 بهدف منع الحروب والحفاظ على السلام والأمن الدوليين وتعزيز التعاون الدولي، وحماية حقوق الإنسان، وتسوية النزاعات عبر المفاوضات، وهي الأهداف نفسها التي أفشلت عصبة الأمم التي كانت أُنشئت العام 1919، وانتهى دورها لعدم قدرتها على منع الحرب العالمية الثانية.

العجز ليس في المنظمة بحد ذاتها، بل لأن القوى الكبرى التي تتحكم في قراراتها جعلتها عاجزة عن تطبيق أهدافها.

لعل من أهم أسباب فشل المنظمة الدولية أنها قامت على أسس غير ديمقراطية. إذ خضعت لسيطرة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، التي منحت نفسها حق «الفيتو» الذي حال دون تطبيق معظم القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن، ما أدى بالتالي إلى إفشال كل الجهود الأممية في تطبيق قرارات ذات صلة بحقوق الإنسان، ونتائج الاعتداءات، والصراعات الحدودية، والتعامل مع أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى تقليص دور الجمعية العامة في ما يتعلق بالقرارات التي تصدر عنها، مع أنها تمثل في واقع الأمر المجتمع الدولي وليس مجلس الأمن، فهي تضم 193 دولة بينما مجلس الأمن يضم 15 دولة، بينها 5 دول دائمة العضوية لديها حق استخدام «الفيتو» و10 دول يتم انتخابها مداورة. إضافة إلى أن كل محاولات إصلاح الأمم المتحدة خصوصاً توسيع مجلس الأمن خلال السنوات الماضية باءت بالفشل، لأن الدول الكبرى تفرض شروطاً صعبة لتحقيق الإصلاحات، أو أنها ترفض تحقيق أي إصلاحات كي لا تخسر تأثيرها في تحديد السياسات التي تحفظ مصالحها السياسية والاستراتيجية.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا في خطابه أمام الجمعية العامة قبل أيام إلى إصلاح مجلس الأمن بما يتماشى مع عالم اليوم، وإعادة تصميم البنية المالية العالمية، وقال «عالمنا أصبح مليئاً بالتحديات، ويبدو أننا غير قادرين على مواجهتها»، وأضاف «سيتم ضمان الحق في السلام إذا أوفت كل دولة بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة»، وقال «نتجه سريعاً نحو عالم متعدد الأقطاب وهو أمر إيجابي بشكل كبير لأنه يجلب فرصاً جديدة للعدالة والتوازن في العلاقات الدولية». وانتهى غوتيريش محذراً «إما الإصلاح وإما التمزق». وهذا يعني نهاية الأمم المتحدة التي ستلحق من دون شك بعصبة الأمم في حال ظل وضعها كما هو.

لقد سبق لغوتيريش لدى توليه منصبه عام 2017 أن تقدم بمقترحات لإصلاح المنظمة من أجل تحسين دورها في مجالات التنمية والإدارة والسلام والأمن، وتجسير انعدام الثقة بين الدول الأعضاء، وقيادة خاضعة للمساءلة، تحت شعار «متحدون من أجل الإصلاح.. نتائج أفضل للجميع وفي كل مكان»، لكن محاولاته باءت بالفشل، لأن القوى الكبرى إياها لا تريد للمنظمة الدولية أن تكون المؤسسة الأم على الصعيد الدولي.

نتيجة لذلك، ستبقى دعوات الإصلاح مجرد كلام على المنصة الدولية طالما هناك قوى ترفض التعددية والمساواة والعدالة، والالتزام بحقوق الإنسان وسيادة الدول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/48zs4b24

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"