تعقيدات مستجدّة بأوكرانيا

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وسط انشغال العالم بالصراع المتفجر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، تراجع الاهتمام الإعلامي الدولي بالحرب الدائرة في أوكرانيا، لكن حدة المعارك لم تتأثر، وشهدت الساعات القليلة الماضية، تطورات عسكرية خطرة، وشرعت القوات الروسية في شن هجوم، هو الأكبر من نوعه منذ أشهر، لبسط السيطرة على أفدييفكا؛ المنطقة الاستراتيجية في دونيتسك التي ضمتها موسكو العام الماضي.

من الناحية العسكرية، يبدو أن الوضع حرج، واعترفت القوات الأوكرانية بأنها تواجه عقبات، مع أنباء عن إدخال روسيا أسلحة جديدة إلى ميدان المعركة لم تكن معروفة من قبل، وهو ما قد يسدد ضربة قاضية ل«الهجوم المضاد» الذي انتهى عملياً مع اقتراب فصل الشتاء، وعدم تحقيق النتائج المرجوة. وربما يكون الهجوم الروسي العنيف على أفدييفكا مؤشراً على هجوم روسي مضاد كان الغرب، المستاء من بطء العمليات الأوكرانية، قد حذر منه مراراً على ألسنة كبار القادة العسكريين والخبراء الاستراتيجيين، وقد يكون خلال الشتاء المقبل، ويجري التمهيد له من الآن.

وفي غير أفدييفكا، فإن وضع القوات الأوكرانية في جبهات أخرى؛ مثل زابوروجيا وخاركيف في غاية الصعوبة، على الرغم من التعتيم الإعلامي الذي يحاول حجب الوقائع على الأرض، في الوقت الذي تراجعت فيه مبادرات السلام بين الطرفين، الروسي والأوكراني، إلى أدنى درجاتها منذ تفجر الصراع قبل عشرين شهراً.

في كييف، بدأت السلطة السياسية تشعر بالإحباط من المواقف الغربية المتذبذبة، بسبب الأوضاع الداخلية في بعض الدول، مثل الانتخابات الأمريكية، واتساع مشاعر التبرم من طول أمد الحرب، والأعباء الثقيلة التي أفرزتها؛ بسبب استمرار الدعم المكثف لأوكرانيا، وما يثيره من تساؤلات وقلق في الشارع الغربي. ومن الواضح أن هذا الوضع أصبح عاملاً للانقسام والتباين، وهذا ما يدفع أوكرانيا إلى التخوف من الآتي، ولهذا السبب زار رئيسها فلودومير زيلينكسي، مؤخراً، مقر حلف شمال الأطلسي «الناتو» في بروكسل، وهناك تلقى تعهدات بمواصلة الوقوف إلى جانبه، واستمع إلى مواقف، تؤكد ثبات التأييد حتى يتحقق له النصر.

وعلى الرغم من كل هذه التطمينات والوعود، فإن مجريات الميدان عكس ذلك تماماً، وهناك كثير من التعقيدات المستجدة، فالقوات الأوكرانية تواجه صعوبات جمّة، ومع تعثر هجماتها الأخيرة فقدت المعنويات زخمها الذي كان قبل أشهر قليلة، فضلاً عن أن العتاد النوعي الذي تطالب به كييف من الغرب يتأخر، وهناك وعود بتسليمها مقاتلات «إف-16» سنة 2025، أي بعد أكثر من عام من الآن، وربما بعد أن تنتهي كل الجولات الحاسمة في هذه الحرب.

الحرب تظل أسوأ أساليب العلاقات بين الدول والشعوب، والصراع الدائر في أوكرانيا طال أمده، وليست هناك نية لإنهائه، على الرغم من المخاطر التي جلبها على كل الأطراف. وأكثر ما يخشاه المتابع أن يتواصل تفجر الصراعات في مناطق أخرى في العالم، ضمن سباق الاستقطاب والتنافس بين القوى المتصارعة، وهذا النهج يشكل تهديداً كبيراً للأمن والسلام الدوليين، ولا يمكن الاطمئنان إليه؛ بل الأسلم أن تتعقل كل الأطراف، وتعتمد لغة الحوار والمفاوضات في إنهاء هذه الأزمات، ومنها الحرب الأوكرانية، بدل الانزلاق في الحروب، وإشعال مزيد من الحرائق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2568j367

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"