الضغوط تتسلل بخفة وسرعة

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين

تحدث الكثير عن طبيعة الحياة المعاصرة، والقوة المادية التي تطغى على كثير من التعاملات بين الناس، وحضور جوانب عملية لتحتل المكانة الأعلى والأهم في رؤيتنا ونظرتنا، وأيضاً في طريقة عيش الحياة.

دون شك أن هذه الآلية تسبب ضغطاً على كل إنسان، فهي تخرجه من مكان الراحة، أو المكان الذي يفترض أن يجد فيه السلامة الذهنية والهدوء، إلى صخب لا يتوقف، وحركة مستمرة، ومحاولة اللحاق بالأعمال والمهام، وفي نهاية المطاف، كأن هذا الإنسان آلة، لا مكان للشعور، ولا مكان للأحاسيس الإنسانية، هذا الوضع يسبّب حالة من الشد المستمر، وفي نهاية المطاف يجد الإنسان نفسه أسيراً للضغوط، ومحاطاً بالتوتر، ويسيطر عليه القلق، بشكل دائم ومستمر، ولكم أن تتخيلوا أي حياة يمكن أن تعاش وفق هذه الضغوط، ووسط كل هذه المسببات للتوتر والهم والحزن.

المشكلة الأهم في هذا السياق، أنه من الممكن أن يعاني معظمنا من مثل هذه الحالة، وأن يعيش وسط هذه الدوّامة، دون التنبه، وأقصد حالة الهرولة والركض المستمر والمتواصل، والعمل في كل ساعة من ساعات اليوم، والتي يطغى عليها لغة الأعمال والمهام والارتباطات والاجتماعات والرسميات، لغة متكلفة، لا يكون لجوانب أخرى مهمة، مكان أو مساحة، وإذا وجدت فهي متدنية ومتواضعة وقليلة جداً.

حتى عندما يقرر أحدنا السفر، للساحة والترويح عن النفس، الخيارات لا تكون سليمة، أو أنها متأثرة بتصنيفات وانتقائيات ونصائح الآخرين، لا يتم النظر لما تحتاج إليه النفس من الهدوء والراحة، الحاجة للتخلص من التفكير المبالغ فيه في جوانب العمل والإنتاج والمال، بل على العكس، تتحول الرحلة السياحية نفسها، لمشروع عمل، وتخطيط، ومبالغات مستمرة، ومتكررة. البعض يحتاج إلى رحلة لمكان هادئ، يسمع أصوات الطبيعة من ترقرق المياه، وأصوات العصافير، لكنه يذهب لقضاء إجازته في عاصمة مزدحمة، تضج بأصوات القطارات وأبواق المركبات، هو لا يختار ما يحتاج إليه له ولأسرته، بل ما يسمع ويشاهد اهتمام الآخرين به.

لذا لا يوجد ما يدعو للاستغراب، عندما نسمع بأن كثيراً من عوارض المرض النفسي، يعانيها البعض من الناس، وأن تكون الكآبة، واحدة من أهم تلك الأعراض، فضلاً عن معدلات التوتر المرتفعة.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2v3sjawk

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"