د. حسن مدن
تعد جائزة سلطان بن علي العويس واحدة من أهم وأكثر الجوائز العربية صدقية في ذهابها كل دورة لأسماء إبداعية وفكرية عربية جديرة بالتكريم، لما قدمته وتقدمه لثقافتنا وفكرنا من إضافات ثرية. ونظرة على أسماء من نالوا الجائزة في حقولها المختلفة، وبعضهم رحل عن دنيانا مثل الشاعرين محمد مهدي الجواهري ومحمود درويش وسواهما، تؤكد هذه الحقيقة، فقد منحت لشعراء وروائيين وقاصين ونقّاد ومفكرين لهم مكانة كبيرة لا على مستوى بلدانهم فقط، وإنما على المستوى العربي عامة، ونثق بأن هذا سيستمر في المستقبل أيضاً، وأن الجائزة ستذهب في دوراتها القادمة لقامات بذات أهمية من نالوها حتى الآن في حقولها الأربعة: القصة والرواية، الشعر، النقد الأدبي، الدراسات الإنسانية والمستقبلية، فضلاً عن جائزة الإنجاز الثقافي الكبرى.
الأسماء التي نالت الجائزة في الدورة الأخيرة، الدورة الثامنة عشرة (2022 – 2023)، التي أعلن نتائجها مؤخراً تؤكد ما نقوله، حيث نالها في مجال الشعر الشاعر المصري حسن طلب، وفي مجال الرواية والقصة والمسرحية نالها الأديب البحريني أمين صالح، وفي مجال النقد الأدبي نالها الناقد العراقي د.عبدالله إبراهيم، أما في مجال الدراسات الإنسانية والمستقبلية فقد نالها المفكر المغربي عبد السلام بن عبد العالي، ولخص الأمر قول الأمين العام لمؤسسة سلطان العويس الثقافية، عبدالحميد أحمد: إن «لجنة تحكيم الجائزة قررت فوز هذه المجموعة المتميزة من الأدباء والمفكرين العرب، وذلك لتميزهم كل في مجاله، ولأعمالهم التي أسهمت في تطور الأدب والثقافة في العالم العربي». في حيثيات اختيار الفائزين في هذه الدورة، أوضحت لجنة التحكيم أسباب اختيارها للفائزين الأربعة، فلفتت إلى ما في التجربة الشعرية للشاعر حسن طلب من فرادة وغزارة وتنوع، إضافة إلى وجود مشروع شعري متكامل ومتنام لديه يتسم بالتجريب ويمازج بين الشعرية والصوفية والرؤى الفلسفية. وعن أمين صالح نوّهت اللجنة بامتلاكه تجربة إبداعية مغايرة، تمثلت فيما كتب من قصص قصيرة ونصوص وأعمال أخرى تدل على أنه متنوع الثقافة متعدد الاهتمامات، فيما أشارت إلى اتسام مؤلفات عبدالله إبراهيم بوضوح الرؤية المنهجية والانشغال بموضوع السردية العربية ومنجزاتها وسياقاتها المتحولة، والاهتمام بالقضايا الثقافية، وإعادة تأمل العلاقة بين الشرق والغرب، فيما رأت في عبدالسلام بن عبدالعالي رائداً من رواد المدرسة التفكيكية في الثقافة العربية، نظر إلى الأدب والكتابة والترجمة بوصفها مداخل مهمة للفلسفة. وتتميّز أعماله بأسلوب سهل يقارب بين المتخصّص وغير المتخصّص.
مؤسسة سلطان العويس والجائزة التي تحمل اسمها عنوان مهم في المشهد الثقافي في الإمارات، أسهمت ومنذ عقود في رفع اسم الدولة الثقافي عربياً.
