«كريستال».. النهاية المستفزة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

نهايات المسلسلات العربية المأخوذة حديثاً عن المسلسلات التركية، ترمي للجمهور صنارة الدراما الرومانسية الحالمة، والقصص التي تستطيع إخراجه من أجواء التوتر وضغوط الحياة التي يعيشها، واضعة الكثير من بهارات التشويق، والمكائد، والألغاز، لتختم بها كل حلقة، فتثير فضوله وتتركه على شوق انتظار الحلقة التالية، لمعرفة ما الذي سيحصل.

تشويق ينجح في جذب الجمهور لمواصلة رحلة الأبطال على مدار ٩٠ حلقة، وأحداث منها المتوقع، ومنها المكرر، ومنها المنطقي، والأكثر غير منطقي.. لنصل إلى الحلقة الأخيرة التي تشكل صدمة سلبية، لا يتقبلها الجمهور، ولا تتوافق مع مسار الشخصيات، وتطوراتها، وطبيعتها التي انطلقت منها.

مسلسل «كريستال» الذي تابعناه وختم حلقاته التسعين بنهاية استفزت الجمهور، سلك نفس طريق «ستيليتو» الذي عرض قبله، والمأخوذ أيضاً عن الدراما التركية، ومحوره الرئيسي رجل جذاب تتنافس على قلبه امرأتان، واحدة طيبة وبريئة، والثانية شريرة، مع اختلاف في تفاصيل القصة طبعاً، ولكن الهدف الذي يصل إليه واحد، وهو أن الشر ينتصر، والإنسان الذي كان مسالماً طيباً يتحول إلى كتلة شر؛ وفي «كريستال» تحولت فاي إلى وحش أطاح بالجميع، من دون أي وقفة ضمير، أو مراجعة للذات، بل ضحّت بالحب الذي تمسكت به طوال الوقت لتكمل حياتها وحيدة.

لماذا اختار المخرج، هاكان أرسلان، وكاتبتا السيناريو، لبنى مشلح ومي حايك، أن تكون النهاية بهذه البشاعة، واللامنطقية؟ ربما من منطلق حب التغيير، كأن الحياة التي نعيشها لم يعد فيها مكان للنهايات السعيدة. أقوى نقاط قوة «كريستال» أبطاله، حيث استمتعنا بهذه المباريات الشرسة في التمثيل، خصوصاً بين باميلا الكيك، وستيفاني عطاالله، قدرات هائلة في التمثيل، لا يمكنك أن تتخيل عليا كرم إلا بشكل ومواصفات وتصرفات ونظرات باميلا الكيك، ولا يمكن أن ترى في فاي غير ستيفاني التي تشع حيوية بابتسامتها المحببة، ونظرتها الفضولية.. نجمتان تستحقان الكثير من الفرص والبطولات في أعمال درامية قوية.

تحية لكل أبطال «كريستال»، محمود نصر الذي سبق أن قدم شهادة إبداعه في أعمال أخرى، خالد شباط الذي اجتهد بإتقان اللهجة اللبنانية (فهو ممثل سوري)، كما أدى شخصية باسل الصعبة بنجاح، أنجو ريحان الرائعة دائماً في كل ما تقدمه، والجميلة جوان زيبق التي ننتظر استغلال طاقاتها في أدوار أصعب وأقوى.

لا مشكلة في الاتكاء على الدراما التركية أحياناً وتحويل العمل وفق ما يناسب المجتمعات العربية، إنما المشكلة في الالتزام بأعداد الحلقات التسعين، وما فوق، لملء ساعات البث ليس أكثر، بينما الاختصار يضمن تكثيف الأحداث، وإثراء المضمون من دون الجموح بشكل فج نحو التكرار واللا منطق، في كثير من المواقف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4m9p25bm

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"