انتهاك الرمزية الأممية

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تثير الأحداث الجارية في غزة، في جانب مهم منها، أسئلة كثيرة حول جدوى الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية التابعة لها ومعها المنظمات غير الحكومية العاملة في القطاع، في ظل انتهاك رمزيتها المستندة إلى الإرادة الدولية، وشل قدرتها على الحركة، وبالتالي إخفاقها القسري في تأدية المهام الموكلة إليها بموجب القانون الدولي.

بات من الواضح أن شلل المنظمة الدولية تجاه قطاع غزة، يمثل امتداداً طبيعياً لما يحدث في الخارج؛ حيث لا تزال الأمم المتحدة، وبعد مرور نحو شهر على اندلاع الحرب على غزة، عاجزة عن استصدار قرار بوقف الحرب، أو على الأقل، فرض هدنة إنسانية، تسمح بإدخال المساعدات العاجلة للمدنيين الذين يفتقدون كل مقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء ودواء. وقد يكون التعبير الأكثر إيلاماً هو المجازر التي ترتكب داخل حرم المنشآت التابعة للأمم المتحدة من مدارس ومقرات ومستشفيات، يفترض أنها محمية بالقوانين والمعاهدات الدولية، ما يعني عملياً خروج المنظمة الدولية ومؤسساتها التي يفترض أن توفر الحماية للمدنيين في زمن الحرب عن الخدمة.

فعندما تعجز المنظمات الدولية عن إخراج آلاف الجرحى لتلقي العلاج، أو إدخال الوقود إلى المستشفيات.. ولا يستطيع علم الأمم المتحدة أن يوفر الحماية اللازمة للمدنيين الذين نزحوا إلى منشآتها، فهذا يعني أن جدوى المؤسسات الدولية بات على المحك. يقول مدير عام «الأونروا» في قطاع غزّة، توماس وايت، في جلسة استماع أمام ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عبر الفيديو: «الحقيقة أننا لا نستطيع حتى توفير الأمن لسكان غزة تحت راية الأمم المتحدة». ويضيف: «لا أريد أن أصل إلى اليوم الذي لن يُرفع فيه علم الأمم المتحدة في غزة». أما مسؤول الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة مارتن غريفيث فيقول: «ما شهدناه خلال الأيام ال26 الماضية ليس أقل من وصمة على ضميرنا الجماعي».

صحيح أن هناك دوراً تاريخياً لعبته الأمم المتحدة في تقديم الخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين وملايين اللاجئين في العالم؛ لكن كل ذلك بدأ ينهار بفعل القوة الغاشمة التي تستهدف كل شيء، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. ولعل المشكلة الحقيقية هنا تكمن أصلاً في هيمنة القوة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على مؤسسات المنظمة الدولية ومقدراتها منذ تأسيسها عام 1945، بعد تحجيم الدور الروسي (السوفييتي سابقاً) والصيني لاحقاً، ووضع إسرائيل فوق القانون الدولي، الأمر الذي يضاعف الحاجة إلى قيام نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وشمولية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4mxu62bj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"