غزة والوزير «النووي»

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

ما قاله الوزير الإسرائيلي المتطرف أميخاي الياهو حول إمكانية قصف قطاع غزة بالسلاح النووي، لا يكشف سراً كان معروفاً للجميع، بما في ذلك العالم العربي، لكن خطورته تكمن في التلويح باستخدامه، للمرة الأولى، لحسم الصراع مع طرف عربي في خضم حرب لا تزال مشتعلة منذ أكثر من شهر.

وبغض النظر عن ردود الفعل الغاضبة في العالم العربي والخجولة في مختلف أنحاء العالم، فإن حقبة «الغموض النووي» التي انتهجتها إسرائيل منذ ستينات القرن الماضي انتهت إلى غير رجعة، بعد الاعتراف الصريح الذي جاء على لسان وزير في الحكومة بامتلاك إسرائيل للسلاح النووي. ولن تجدي محاولات الحكومة الإسرائيلية نفعاً للالتفاف على هذه التصريحات أو التقليل من شأنها كالقول إنها تعبير «مجازي» عن ضرورة استخدام قوة أكبر للقضاء على «حماس»، أو اتخاذ إجراءات ضد الوزير كتجميد عضويته في الحكومة التي لا تجتمع أصلاً، واستعيض عنها بمجلس حرب.

فهذه التصريحات التي لم تستثن الرهائن لدى «حماس» وإمكانية قتلهم باعتبار أن ذلك جزء من «أثمان الحرب»، لم تقنع الإسرائيليين أنفسهم، كما أنها تكشف عن نوايا اليمين المتطرف داخل الحكومة والنهج الذي يمكن أن يتبعه مستقبلاً. وهي أيضاً تكشف عن سياسة موجودة في صلب أيديولوجية اليمين المتطرف، تقوم على اقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم كلياً، كما هو واضح في أقوال الوزير ذاته: «ليذهبوا الى الصحارى أو إلى إيرلندا».. وتتبنى العودة لإقامة المستوطنات على أنقاض القطاع المدمر. لكنها أيضاً سياسة تتلاقى مع ما يتردد عن خطط لتهجير فلسطينيي قطاع غزة والضفة الغربية إلى سيناء والأردن، والتي ووجهت برفض عربي قاطع.

في كل الأحوال، لا يبدو أن الوزير الإسرائيلي المتطرف، وهو بالمناسبة الأكثر اعتدالاً في حزبه «القوة اليهودية» الذي يتزعمه وزير الأمن القومي ايتمار بن غقير، يدرك أن ما أسقط على قطاع غزة من قنابل ومتفجرات خلال شهر من الحرب، يفوق ضعفي القنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما، لكن الفلسطينيين لم يرحلوا.

الأمر المثير للدهشة، هو أن الوزير الإسرائيلي «النووي»، وحتى لو وضعنا جانباً كل التداعيات الدولية والإقليمية التي قد تنجم عن مثل ذلك الفعل الشنيع، لا يأبه، على ما يبدو، للطبيعة الطوبوغرافية والتشابك الديمغرافي في المنطقة، حيث إن خطراً من هذا النوع سيصيب الإسرائيليين أنفسهم بالقدر نفسه الذي قد يصيب الفلسطينيين، إلا إذا كان يعتبر قتل الإسرائيليين في نظره جزءاً من «أثمان الحرب» أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2wspuu63

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"