يونس السيد
ما قاله كبير الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل مؤخراً حول فشل الدبلوماسية الدولية أخلاقياً وسياسياً في الشرق الأوسط، واعتباره أن المأساة التي تدور في غزة حالياً هي نتاج لهذا الفشل، يحمل في طياته الكثير من الاعتراف بالمسؤولية عن عدم إيجاد حلول حقيقية لهذا الصراع الطويل والممتد منذ عقود في المنطقة.
بوريل، الذي كان يتحدث أمام المؤتمر السنوي لسفراء الاتحاد الأوروبي، يعترف بأنه لم تبذل جهود دولية كافية لحل المشكلة الفلسطينية، وأن الجميع يدفعون الآن ثمناً باهظاً لهذا الفشل وقد يزداد حجم هذا الثمن لاحقاً. ويضيف: «نعم، لقد التزمنا رسمياً بحل الدولتين، ولكن من دون خريطة طريق حقيقية للوصول إلى هناك». ويرى أن «على الأوروبيين أن يقدموا ما هو أكثر من الدعم الإنساني ونحن أمام اختبار لمصداقيتنا».
لكن المشكلة هي أن بوريل نفسه كان أول من سقط في اختبار هذه المصداقية، عندما تماهى مع الموقف الأمريكي ورفض وقف إطلاق النار وراح يتحدث عن هدن إنسانية نيابة عن الاتحاد الأوروبي، سرعان ما تبين أن هناك انقساماً حولها بين دول الاتحاد.
الأسوأ أن الاتحاد الأوروبي الضعيف والمفكك داخلياً، والذي لا يستطيع الخروج من العباءة الأمريكية، للتغطية على هذا الضعف والعجز، ترافق مع مواقف متذبذبة للعديد من القادة والزعماء الأوروبيين، ما أدى إلى ارتباك في الموقف الأوروبي، كما ظهر في فرنسا والمانيا وبريطانبا وغيرها، إلى الحد الذي دفع سفراء فرنسا في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، إلى توجيه مذكرة جماعية إلى الإليزيه تنتقد موقف الرئيس ماكرون المنحاز في البداية بشكل أعمى لإسرائيل، والذي مثل خروجاً على الموقف التقليدي «المتوازن» لفرنسا في المنطقة، وفقاً لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
ومع أن تداعيات الأحداث والتحولات الجارية في شوارع المدن والعواصم الغربية بفعل الصور المرعبة عن قتل المدنيين في غزة وما يجري من انتهاكات لكل الخطوط الحمر وقواعد القانون الدولي الإنساني، باتت تفرض نفسها على صانع القرار الغربي، فإنها أصبحت تتجلى بوضوح في الداخل الأمريكي بعدما وصلت إلى البيت الأبيض، وإلى الخارجية الأمريكية، وإلى الصحافة الأمريكية حيث مذكرات الاحتجاج على طريقة التعامل بها مع الحرب الدائرة في غزة. وهي لا تساهم فقط في تعرية المواقف الغربية، وإنما تتلاقى مع ما قاله بوريل عن أن ما يحدث ناجم عن فشل الإرادة الدولية في إيجاد حلول جادة وعملية لأزمات المنطقة وعلى رأسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
