بين حدود المنافسة والصراع

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعد محادثات استمرت أكثر من أربع ساعات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والزعيم الصيني شي جين بينغ على هامش قمة «آبيك» في سان فرانسيسكو، وعلى الرغم من وصفها بأنها «بناءة ومثمرة»، فإن ما أسفرت عنه من نتائج ليس أكثر من وضع حد للمنافسة بين البلدين والحؤول دون تحولها إلى صراع، وذلك من خلال إبقاء خطوط التواصل مفتوحة بين الزعيمين عند حدوث أي أزمة، واستئناف المحادثات العسكرية الرفيعة بين البلدين، والاتفاق على إجراءات ترمي إلى مكافحة مخدر الفنتانيل، إضافة إلى عقد محادثات حكومية بشأن الذكاء الاصطناعي، وما عدا ذلك، فإن المحادثات أَخرَجت إلى العلن الخلافات التي تباعد بين واشنطن وبكين، لا سيما حول ملف تايوان، والعلاقات الثنائية المتوترة؛ حيث أكد شي أن «الصين لا تسعى إلى تجاوز الولايات المتحدة»، مشدداً على أنه بالمقابل «لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تسعى إلى قمع الصين واحتوائها»، كما حذر الزعيم الصيني نظيره الأمريكي بأن «بكين غير راضية عن العقوبات والقيود المفروضة من جانب الولايات المتحدة ضد شركاتها التي تلحق ضرراً خطِراً بالمصالح المشروعة للصين». وفي إشارة مباشرة إلى الولايات المتحدة مقارنة بالنهج الصيني، قال شي إن «الصين لن تتبع المسار القديم للاستعمار والنهب، ولن تتبع المسار الخاطئ للهيمنة عندما يصبح بلد ما قوياً».

وكان لافتاً خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بايدن بعد المحادثات إلى أنه لا يزال يعتبر نظيره الصيني «دكتاتوراً»، وأوضح أنه «ديكتاتور بمعنى أنه رجل يدير دولة شيوعية تقوم على نظام حكم يختلف تماماً عن نظامنا»، وهو توصيف يخلق إشكالية تجاه اختلاف نظم الحكم، فهذا معناه بالنسبة لبايدن أن أي نظام ليس متماثلاً مع النظام الأمريكي يمكن خلع مختلف الأوصاف السلبية عليه.

ما زالت النقطة الخلافية المركزية تتمثل في الوضع في تايوان، التي يبدو أنها تشكل العقدة الرئيسية بين البلدين، والتي ستبقى عامل توتر بينهما، وتشكل حداً بين المنافسة والصراع، على الرغم من الجهود المبذولة للإبقاء على حالة التنافس القائمة؛ إذ طالب شي الرئيس الأمريكي «الكف عن تسليح تايوان»، مؤكداً له «حتمية إعادة ضم الجزيرة إلى البر الصيني»، وفقاً لما نقلته الخارجية الصينية عن شي، داعياً الجانب الأمريكي إلى «دعم إعادة توحيد الصين سلمياً».

يمكن إيجاز مضمون المحادثات بأنها لم تخرج عن السياق العام للموقف الأمريكي بتجنب تحول التنافس إلى صراع من خلال الاتفاق على ما يمكن الاتفاق عليه في قضايا خارج القضايا الأساسية التي تشكل عامل خلاف جذرياً مثل تايوان أو العقوبات أو الأحلاف التي تقيمها في منطقة جنوب شرق آسيا، في حين أن الصين ترى أن هذه القضايا التي تتجنب الولايات المتحدة التطرق إليها تشكل صلب سياستها، وبالتالي تبقى قنابل موقوتة يمكن أن تتفجر في أية لحظة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ha9kf4e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"