العطاء.. إنسانية تنطق

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

العطاء قيمة عظيمة في مفهوم الإنسانية، العطاء بكل صوره لا يختلف عليه اثنان في أنه يعيد للإنسان مفهوم الخير ورد الجميل، في الكثير من المواقف والأماكن متى ما تيسرت الأمور وسخر الله لنا الفرصة فإنها نعمة كبيرة، نعمة أن تعطي مما أعطاك الله، مالاً كان، علماً، كلمة، تطييب خاطر، رسالة، تجربة، تواجداً، دعماً معنوياً، احتواء، مواساة، مؤازرة، ابتسامة، الخ. لا يمكن أن أصف كل الأوجه هنا لكنه الإحساس بأنك لا تنتظر لا مدحاً ولا مردوداً، بل تعطي من داخلك، قلبك ونفسك وروحك راضية، وتصبح بخير بعد ذلك بما ستشعر به ويعود إليك.

قبل أيام كنت في تجمع لأول مرة مع «أفيشن جاذيرنج Aviation Gathering»، تجمع في الطيران المدني، أعرف عنه منذ أعوام لكن لم تحصل لي الفرصة أن أشاركهم يوماً تجمعهم، لتمر الأعوام ويأتي الوقت المناسب، كان الحديث مع مجموعة لا تتجاوز ربما ال 30، ممن يعيش في عالم الطيران وتميز فيه، وممن يخطط للدخول فيه، تجربتي كانت محل نقاش، ولأول مرة منذ فترة طويلة، يطلب مني أن أتحدث دونما تحضير أو أسئلة، فقط أنقل تجربتي لجيل مضى وجيل يأتي، كانت جلسة أحسست فيها بالتقصير قليلاً وبالرضا كثيراً، التقصير في تواصلنا مع بعضنا، في نقل تجاربنا الإنسانية قبل العملية، في التواصل وإعطاء دفعة خير معنوية لمن حولنا، قد نظن أحياناً أن قصصنا عادية، لكنها قد تصيب موقعاً فتغير حالاً، وقد ترفع محبطاً وتعلمه أن الحياة مد وجزر، وقد تنير بصيرة أحدهم وتبرهن له أن الله في تدبيره خير ما نحلم به، وقد تعيد لأحدهم توازنه بأن يحس بأنه ليس وحده، وقد تؤكد لغيره أن التطوع والعطاء في عالمه هو باب من أبواب النجاح الكبرى التي لا تخطئ، وقد تبرهن لشخص أن كل ما يمر به من إحباطات، حروب ومنازعات وحتى تحديات هي جزء من عملية التغيير التي يريدها لنا الله.

في كل تجمع إنساني، لا أخرج خاوية الوفاض، بل في قلبي الكثير من الفرح والسعادة، الكثير من عطايا الله التي تجعلني أشعر بالنعم التي أغرق بها، وكيف أن الإنسان لا يتواجد في مكان ما عبثاً، بل نحن مسخرون لبعضنا، والله يجعلنا في طريق بعضنا لحكمة وغاية لا ندركها في حينها بل بعد زمن، لنتعلم أن نروي قصصنا في ما بيننا، أن نكون جسر أمل وخير، نرفع بعضنا ونعيش في سلام وطمأنينة فلا أحد سينافسك على مكانك، ولن يأخذ أحدهم منك ما تملكه وتتميز فيه، كل في دربه وفي قصته تجربة وسلسلة من المحطات التي خاضها بمخاض مؤلم لكنها أخرجت أجمل ما فيه، ليبقى الإنسان هو ما يستمر معنا وفينا.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s35z9tm

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"