قمة إدارة الخلافات

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بينما كان العالم ينتظر إعلان هدنة أو وقف لإطلاق النار في واحدة من أكثر المناطق الملتهبة على وجه الأرض؛ حيث الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، جاءت الهدنة، كما يبدو، بين أكبر قطبين متنافسين في الساحة الدولية، والتي أفصحت عنها قمة الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني شي جين بينغ على هامش قمة «أبيك» في ولاية كاليفورنيا.

لكن على الرغم من الحديث عن «قمة مثمرة»، واتفاق على حل المشكلات القائمة بين الطرفين، من خلال الحوار والتعاون، فإن أسئلة كثيرة تطرح حول ما إذا كانت القمة أسفرت عن انفراج حقيقي في العلاقات بين البلدين أم أنها مجرد «هدنة مؤقتة» تهدف إلى إدارة الخلافات بينهما. صحيح أن القمة أثمرت عن إعادة التواصل العسكري بين الجانبين على قاعدة الاحترام المتبادل، وهي مسألة كانت الصين دائماً تربطها باستقرار حقيقي في العلاقات بينهما، والتوافق على حل الكثير من المشكلات المتعلقة بالتجارة ومعوقات الاستثمار والتصدير والاستيراد، والعقوبات المفروضة على الشركات الصينية، وكذلك الاتفاق حول مخدر «الفنتانيل» الذي أغرق الأسواق الأمريكية، وتحول إلى ما يشبه الأزمة داخل الولايات المتحدة، وأيضاً إجراء مباحثات حكومية حول الذكاء الاصطناعي وقضايا المناخ وغيرها، إلا أن كل ذلك لم يتعد السعي إلى احتواء الخلافات، وعدم تحويل التنافس إلى صراع بينهما.

إذ من الواضح أن الطرفين بحاجة إلى بعضهما، خصوصاً في مجال الاقتصاد والتجارة؛ حيث لا يزال الاقتصاد الصيني يشهد نمواً بطيئاً، ويسعى إلى التعافي بعد جائحة «كورونا»، فيما يعاني الاقتصاد الأمريكي الحال ذاتها إن لم يكن أكثر، وهو ما يفرض على الطرفين القيام بتنازلات متبادلة لإنعاش اقتصاديهما. وفي كل الأحوال، يبقى الحوار الصيني الأمريكي مهماً ليس فقط على الصعيد الثنائي، وإنما للعالم كله؛ ذلك أن تخفيف الاحتقان، وخفض التوتر، ينعكس على الساحة الدولية، وقد يساعد على إطفاء البؤر المتفجرة، أو يسهم في منع تفاقم المشكلات العالمية.

لكن تبقى حقيقة أن بايدن الديمقراطي ليس ديمقراطياً، وأن شي المتهم بالديكتاتورية ليس ديكتاتوراً؛ ذلك أن بايدن هو من يحاول الإبقاء على استمرار الهيمنة الأمريكية على العالم، وعرقلة قيام نظام عالمي جديد، من دون أي تنازل بالنسبة لتايوان، وهي «باروميتر» علاقات الصين مع العالم الخارجي، ما يعني الإبقاء على سياسة الغموض التي تنتهجها واشنطن، والعودة إلى حوار الطرشان، الذي لم يسفر أخيراً سوى عن إدارة الخلافات بين الجانبين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/59wje9e8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"