عادي
الفحوص والاختبارات المبكرة وسائل وقاية

توقف القلب ضربة مباغتة للشباب

22:50 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

انتشرت في الآونة الأخيرة حالات وفاة ناجمة عن أزمات قلبية مفاجئة تباغت الشباب، يزيد معدل حدوثها بين الذكور عن الإناث، تنجم عن توقف نشاط القلب تماماً، بشكل سريع، ومن دون أي أعراض، ويليه انقطاع التنفس، وتدفق الدم على الفور، وتؤدي إلى فقدان حياة للمصاب.

وتشير الأبحاث العلمية إلى أن حدوث هذه الحالة يرجع إلى الإصابة بأمراض وراثية  في القلب لم يتم تشخيصها، أو مشكلات موجودة بالفعل لم تُكتشف، نتيجة عدم الاهتمام بالفحوص الدورية، خاصة عند وجود دلالات ومؤشرات مرضية، وفي السطور القادمة يسلط مجموعة من الخبراء والاختصاصيون الضوء على بعض من هذه الآفات الصحية.

يقول د.عبدالله شهاب استشاري أمراض القلب التداخلية، إن المشكلات القلبية أصبحت السبب الرئيسي للوفاة بين الشباب، وهو أمر مثير للقلق، حيث يؤدي بعضها إلى الموت المفاجئ، خاصة الناجمة عن تشوهات في بنية القلب، أو إيقاعه، مثل: اعتلال عضلة القلب الضخامي، التشوهات الخلقية في الشريان التاجي، اعتلال عضلة القلب الأيمن البطيني المسبب لاضطراب النظم، اعتلال عضلة القلب التوسعي.

ويضيف: يمكن تصنيف أسباب أمراض القلب إلى ثلاث فئات: العوامل الوراثية التي تلعب دوراً هاماً في تكون طفرات جينية معيّنة مسؤولة عن بنية القلب غير الطبيعية، والعوامل المكتسبة التي تُلحق الضرر بعضلة القلب وتتسبب بحدوث تشوهات هيكلية، وعدم انتظام النبضات القلبية، مثل: العدوى، الالتهاب، كما تزيد خيارات نمط الحياة، مثل التدخين والنظام الغذائي غير الصحي وعدم ممارسة الرياضة، من خطر الإصابة بهذه الأمراض.

ويوضح د.شهاب أن تشخيص أمراض القلب لدى الشباب أمر صعب، فربما لا تكون الأعراض واضحة، أو قد تتداخل مع حالات طبية أخرى، إلا أن الاختبارات الروتينية المنتظمة يمكن أن تساهم في تحديد المشاكل القلبية الكامنة، وتوصي جمعية القلب الأمريكية بإجراء فحص دوري لضغط الدم، وقياس الكوليسترول، وتخطيط كهربية القلب، وتجدر الإشارة إلى أن الاختبارات التشخيصية الإضافية، مثل: مخطط صدى القلب، أو التصوير بالرنين المغناطيسي، اختبارات الإجهاد، تساهم في تحديد التشوهات الهيكلية، أو أي مشاكل إيقاعية في القلب.

ويتابع: إن اتباع أسلوب الحياة الصحي هو مفتاح الوقاية من الموت القلبي المفاجئ، إضافة إلى تجنب التدخين، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، كما يلعب الاطلاع على التاريخ العائلي للأمراض، والكشف المبكر، دوراً حيوياً في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، والتدخلات الطبية في الوقت المناسب، ومنع حدوث السكتة القلبية المفاجئة.

اعتلال العضلة الضخامي

يذكر د. محمود قرشي، استشاري أمراض القلب التداخلية، أن اعتلال عضلة القلب الضخامي، من الأمراض التي تنتقل وراثياً، ويتم تشخيصه من خلال وجود زيادة في سمك جدار البطين الأيسر أو كتلة لا علاقة لها بظروف تحميل القلب غير الطبيعية، وعادة ما يتم تشخيص هذه الحالة خلال فترة الرضاعة، أو المراهقة، وتشكل نحو 35-40٪ من اعتلال عضلة القلب لدى الصغار، ولا تظهر الأعراض في البداية، أو تكون علامات خفيفة، أما البعض الآخر فيعاني ضيق التنفس، أو الخفقان، أو الإغماء، أو أعراض قلبية أخرى، مثل ألم الصدر.

ويشير د.قرشي إلى أن التشخيص المبكر والتدخل الطبي عن طريق إجراء مخطط كهربية القلب، ثم مخطط صدى القلب للتحقق من سمك جدار البطين وانسداد التجويف لتأكيد الحالة، يمكن أن تؤدي إلى حياة طبيعية بشكل نسبي لدى بعض المرضى، كما تساعد أجهزة تنظيم ضربات القلب على إنقاذ الأرواح إذا تم استخدامها في الوقت المناسب، وفي بعض الحالات، يتطور المرض إلى فشل القلب ويكونون عرضة لخطر الموت المفاجئ.

ويضيف: عند تشخيص حالة اعتلال عضلة القلب الضخامي، يجب أن يخضع الطفل لمتابعة منتظمة مع الطبيب، لتقييم عبء المشكلة، والتأكيد على خطة العلاج، كما يُعد الفحص عن طريق مخطط صدى القلب للوالدين وأفراد الأسرة المقربين، من الإجراءات الهامة للكشف عن المرض.

ويبين د.قرشي أن اعتلال عضلة القلب الضخامي لا توجد له علاجات شافية حتى الآن، ولكن يمكن استخدام حاصرات بيتا، وحاصرات قنوات الكالسيوم، ومدرّات البول لتخفيف الأعراض، أما المرضى المعرضين لخطر الوفاة المفاجئة، فيجب استخدام أجهزة إزالة الرجفان داخل القلب، وإعطاء الصدمات المنقذة للحياة في الوقت المناسب، وتُعد جراحة القلب خياراً لإزالة جزء من عضلة البطين عندما تفشل العلاجات الطبية في أن تكون فعالة، كما تفيد زراعة القلب، ولكنها تحمل العديد من المخاطر، ولها مضاعفات طويلة المدى.

اضطرابات

يلفت د. وليد عزت أخصائي أمراض القلب، أن عدم انتظام الضربات هو اضطراب في توليد، أو توصيل النبضات الكهربائية داخل القلب، ويمكن تصنيفه بحسب سرعة وانتظام النبضات، سواء في البطينين أو الأذينين، كالاتي: سريع جداً، أو بطيء جداً، أو الانكماش المبكر، أو الرجفان.

ويضيف: يقع انتشار عدم انتظام ضربات القلب بين الرجفان الأذيني، وهو النوع الأكثر شيوعاً بين المصابين، وعلى الأغلب لا ترافق هذه الحالة أعراض واضحة، ولكن ربما يشعر البعض بعلامات مثل: الإحساس وكأن القلب قد تخطى نبضه، أو الضربات السريعة، الشعور بالرفرفة في الرقبة أو الصدر، بطء أو عدم انتظام في ضربات القلب، وتظهر لدى الحالات الخطرة ألم في الصدر، ضيق وصعوبة في التنفس، الإرهاق والتعب.

 ويوضح د.عزت أن عدم انتظام ضربات القلب، يحدث نتيجة بعض الحالات الطبية مثل: ضغط الدم المرتفع، اضطراب الغدة الدرقية، توقف التنفس أثناء النوم، داء السكري، فقر الدم، وعدم توازن الكهارل ( انخفاض مستويات الكالسيوم، أو البوتاسيوم، أو المغنيسيوم)، والمشكلات القلبية المزمنة، أو بسبب اتباع نمط الحياة الضار والتدخين، أو ينجم عن زيادة الغضب، والتوتر، والقلق، وربما ترتبط الإصابة بالعوامل الوراثية، أو تناول بعض الأدوية.   ويتابع: يتم تشخيص اضطرابات نظم القلب عن طريق الاطلاع على التاريخ الطبي والعائلي للمريض، الفحص السريري، مخطط صدى القلب، اختبار الإجهاد، مخطط كهربية القلب، اختبارات الدم، الفحص بجهاز هولتر لمراقبة أو تسجيل إيقاع القلب.

عادات خاطئة

يشير د. خالد شكري، طبيب عام، وممارس الطب الوظيفي، إلى أن هناك الكثير من العادات الخاطئة السائدة في أوساط الشباب، والتي يمكن أن يكون لها تأثير ضار  في صحة القلب، والتي تتمثل في: الخيارات الغذائية غير الصحية تشكل مصدر قلق كبير، حيث تستهلك هذه الفئة كميات زائدة من الأطعمة المعالجة، والتي تحتوي على مستويات عالية من السكر والملح والدهون، ما يؤدي إلى البدانة، كما تعد الوجبات السريعة والمشروبات السكرية والوجبات الخفيفة عوامل مساهمة في الإصابة بمشكلات صحية في القلب.

5 ممارسات صحية

يلفت د. خالد شكري إلى أن الحفاظ على صحة القلب، في ضوء معدلات الوفيات المتزايدة بين فئة الشباب، له أهمية بالغة، وهناك ممارسات صحية عدة، يمكنها أن تساهم على نحو كبير في تخفيف خطر المشكلات القلبية وتعزيز صحة الأوعية الدموية، ومن بينها ما يلي:

  1.  إجراء الفحوص الطبية الدورية لمراقبة ضغط الدم، ومستويات الكولسترول، والكشف المبكر عن العلامات المتعلقة بأمراض القلب، كما يساعد الاطلاع على التاريخ الصحي القلبي العائلي على تحديد عوامل الخطر الوراثية المحتملة، وبالتالي اتباع الإجراءات الوقائية.
  2.  تخصيص 150 دقيقة على الأقل لممارسة الأنشطة الهوائية متوسطة الشدة، أو 75 دقيقة للتمارين الهوائية الشديدة، كل أسبوع، من أجل تقوية القلب وتحسين لياقة الأوعية الدموية.
  3.  شرب كميات كافية من الماء، للحفاظ على ترطيب الجسم، والحرص على الالتزام بحمية غذائية غنية بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون. قلّل من معدل استهلاكك للدهون المشبّعة وغير المشبّعة، والملح، والسكريات المضافة لدعم صحة القلب، والحد من استهلاك الوجبات السريعة والمصنعة، التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير المشبّعة وغير الصحية والصوديوم.
  4.  ممارسة التمارين لتخفيف التوتر مثل: التأمل، واليوغا، أو تمارين التنفس العميق لتقليل مستويات التوتر وخفض تأثيره في القلب.
  5.  الحصول على قسط كاف من النوم العميق لمدة 7 إلى 9 ساعات كل ليلة لتعزيز الرفاه العام وتقليل التوتر على القلب، تجنّب التدخين والحدّ من استهلاك الكحول.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr239kr4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"