عالم ما بعد كيسنجر

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما تمضي حقبة طويلة من الزمن قبل أن يشهد العالم شخصية دبلوماسية مثيرة للجدل لعبت دوراً محورياً في توجيه السياسة الخارجبة الأمريكية ثم السياسة العالمية، كالدور الذي لعبه هنري كيسنجر في معظم سنوات حياته قبل أن يرحل أخيراً بعد مئة عام ظل خلالها ناشطاً حتى اللحظات الأخيرة.

بغض النظر عن الجدل الدائر حول الإرث السياسي الذي خلفه صاحب ما يعرف بسياسة «الخطوة خطوة» و«السياسة الواقعية» وغيرها من التسويات، إلا أنه من غير المشكوك فيه، أنه عرف كيف يستفيد من القوة والنفوذ وتوظيفهما في فلسفته السياسية.

ومنذ ظهوره الأول حينما عيّن مستشاراً للأمن القومي عام 1969 في عهد ريتشارد نيكسون الذي كان غارقاً في فضيحة «ووتر غيت» آنذاك، ثم وزيراً للخارجية بين عامي 1973 و1975، وحتى قبل ذلك عندما كان يعمل بالتدريس في جامعة هارفارد، بقي كيسنجر محطة استشارات دائمة للرؤساء الأمريكيين في المراحل السابقة واللاحقة.

ومع أنه بقي في منصبه خلال السنتين الأوليين من عهد جيرالد فورد حتى عام 1977، إلا أنه ترك منصبه في عهد الديمقراطي جيمي كارتر الذي كان يدعم «حقوق الإنسان». قد تكون الفترة بين عامي 1969 و1977 حينما كان مستشاراً للأمن القومي ووزيراً للخارجية هي الأهم في مسيرته السياسية، حينما انتهج سياسة الانفراج وتخفيف الاحتقان مع الاتحاد السوفييتي في خضم الحرب الباردة. وفي إعادة رسم العلاقات الأمريكية مع الصين الشيوعية وترتيب زيارة نيكسون السرية إلى بكين واجتماعه مع الزعيم الصيني آنذاك ماو تسي تونغ عام 1972، والتي أفضت إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين فيما بعد، ونيل جمهوربة الصين الشعبية العضوية الدائمة في مجلس الأمن بدلاً من تايوان حالياً.

ولا يقل عن ذلك أهمية دوره كمفاوض في إنهاء حرب فيتنام عام 1975، كما في الشرق الأوسط، حيث أسهم في هندسة اتفاقات «كامب ديفيد» بين مصر وإسرائيل، عبر ما سمي بدبلوماسية «الجولات المكوكية»، التي اعتقد أنه أخرج من خلالها مصر من ساحة الصراع لإضعاف العرب المنخرطين في المواجهة، من دون إيجاد حل للقضية الفلسطينية، لكن ذلك ثبت فشله، حيث لا يزال هذا الصراع قائماً حتى الآن.

كما أن كثيرين من المتابعين والمحللين ينتقدون دور كيسنجر في العديد من الانقلابات والديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، ويعتقدون أنه أصاب وأخطأ، ليبقى إرثه موضع جدل حتى بعد رحيله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5y37hzsr

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"