الشرعية الدولية المعطلة

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

يطرح «الفيتو» الذي استخدمته واشنطن في مجلس الأمن الدولي ضد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤخراً، أسئلة كثيرة حول جدوى الأمم المتحدة في ظل الانقسام الدولي الراهن، وما إذا كانت المنظمة الدولية لا تزال قادرة على تحقيق المهام التي أنشئت من أجلها وفي مقدمتها حفظ السلام والأمن الدوليين.

ليست المرة الأولى التي تستخدم الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو»، إذ إنها استخدمت هذا «الحق» عشرات المرات منذ تأسيس المنظمة الدولية عقب الحرب العالمية الثانية، لكنها المرة الثانية في غضون بضعة أسابيع، التي تستخدم فيها «الفيتو»، لمنع صدور قرار يقضي بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث عرقلت صدور مثل هذا القرار خمس مرات وسمحت في مرة واحدة، بصدور قرار حول هدنة إنسانية لم ينفذ حتى الآن. لكن «الفيتو» الأمريكي الأخير يستوجب التوقف عنده، ليس فقط لأن واشنطن خرجت على الإجماع الدولي المطالب بوقف الحرب، وإنما لأنه جاء بعد تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة من قبل أمينها العام أنطونيو غوتيريش، بعد أن رأى أن من واجبه تنبيه أعضاء مجلس الأمن بوجود خطر حقيقي يتهدد السلم والأمن الدوليين.

في المقام الأول، تدرك الولايات المتحدة أنها بهذا «الفيتو» تضعف الأمم المتحدة وتقوض النظام الدولي القائم، رغم أنها وجدت نفسها في مواجهة صريحة مع المجتمع الدولي، بعد أن صوت 13 عضواً في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الذي قدمته دولة الإمارات، وامتنعت بريطانيا عن التصويت. وهو ما يؤكد حقيقة أن واشنطن عندما لا تعود المنظمة الدولية تخدم مصالحها وأهدافها، فإنها تلجأ غالباً لتنفيذ سياساتها من خارج الشرعية الدولية. وبغض النظر عن التبريرات التي ساقتها الولايات المتحدة لاستخدام «الفيتو»، وهي تبريرات واهية على كل حال، فإنها ضربت هيبة الأمم المتحدة وصدقيتها في مقتل، ووضعت جدوى بقاء المنظمة الدولية بشكلها الحالي في موضع تساؤل. وكشفت، في الواقع، عن هشاشة الموقف الأمريكي وتناقضاته إزاء الحرب الدائرة في غزة، فهي مع التفاوض لإطلاق المحتجزين في غزة وضد وقف إطلاق النار، وهي مع استمرار الحرب وتدّعي أنها مع حماية المدنيين وإدخال المساعدات، وهي تدرك أن ثمن ذلك كله هو قتل عشرات آلاف الفلسطينيين بأحدث الأسلحة الأمريكية، ما يجعلها شريكاً كاملاً في الحرب الإسرائيلية على غزة.

الفيتو الأمريكي، يؤكد من جانب آخر، أهمية وصدقية الأصوات الداعية إلى تغيير النظام الدولي برمته وإقامة نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وشمولية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xvhfey4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"