الهدنة والتبادل والثمن

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يبدو أن عودة الحديث عن إمكانية التوصل إلى هدنة جديدة في قطاع غزة، هو نوع من جسّ النبض، أكثر مما هو تعبير جدّي عن نضوج الظروف الموضوعية لإبرام صفقة تبادل أخرى بين «حماس»، وإسرائيل، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأثمان الصفقة المحتملة.

يتوقف الأمر على أي نوع من الهُدن التي يجري الحديث عنها، وما إذا كانت مؤقتة، أو دائمة. فإذا كان الحديث يجري عن هدنة دائمة فإنه يعني وقفاً دائماً لإطلاق النار، وهو مطلب، فلسطيني وعربي ودولي، لوقف آلة الحرب الإسرائيلية التي أوغلت في دماء الشعب الفلسطيني. أما إذا كان الحديث عن هدنة مؤقتة، فمن المرجّح ألا يتم التوافق حولها، لأنها تعود بالجميع إلى المربع الأول، كما حدث في الهدنة السابقة، ما لم يعد مقبولاً بالنسبة إلى المجتمع الدولي، في ظل الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.

فلا أحد حتى الآن، وبعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب، استطاع أن يصل إلى نقطة انكسار الطرف الآخر، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى ذلك، رغم فارق القوة الهائل بينهما.

حتى الآن، لا تزال إسرائيل والولايات المتحدة ترفضان وقفاً دائماً لإطلاق النار، قبل تحقيق الأهداف التي حددها الجانبان، وفي مقدمتهما إطلاق سراح المحتجزين، والقضاء على حركة «حماس»، ما يضفي ظلالاً من الشك حول هذه الأهداف. لكن ما الذي يدفع الجانب الإسرائيلي، للمطالبة بإحياء الوساطة، القطرية المصرية الأمريكية، وفق وسائل الإعلام الإسرائيلية، لبحث إمكانية إبرام صفقة تبادل جديدة تقوم على شروط وتصنيفات جديدة، وتشمل كبار السّن من المدنيين والمرضى الإسرائيليين، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين؟

من المهم لفت الانتباه هنا، إلى أن من أنهى الهدنة السابقة، وعاد إلى الخيار العسكري لتحقيق أهدافه بالقوة، هو الجانب الإسرائيلي، وهو خيار أثبت فشله حتى الآن. وما يؤكد الفشل هو العملية الإسرائيلية الخاصة لتحرير أحد الجنود التي انتهت بمقتل الجندي الأسير، ووفرت مؤشراً إضافياً على استحالة تحرير المحتجزين بالقوة. والأهم، أن هذا الفشل تحول إلى عامل ضغط كبير على حكومة نتنياهو، في الشارع الإسرائيلي الذي يطالب بأولية إطلاق المحتجزين على الاستمرار في الحرب، علاوة على الضغط الدولي الكبير في هذا المجال.

والسؤال هو ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لدفع الثمن، حيث بات من المشكوك فيه أن يتم التوصل إلى هدنة، لا تحمل معها أفقاً واضحاً لإنهاء حرب الإبادة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/muvd4d49

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"