بين زيلينسكي ونابليون

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يبدو أن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي لم يقرأ جيداً التغييرات الأطلسية، والأمريكية خصوصاً، تجاه المساعدات العسكرية لبلاده التي وصلت إلى نهايتها، وعدم القدرة على تقديم المزيد منها، كما لم يقرأ التغييرات الميدانية على جبهات القتال مع القوات الروسية التي وصفها وزير دفاعه فاليري زالونجي بأنها وصلت إلى «طريق مسدود»، وأنه يرى بأن جيش بلاده بات في «حرب تموضع ثابت للقتال والاستنزاف»، كذلك يتجاهل الخسائر الفادحة لقوات بلاده والتي يقدّرها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأكثر من 383 ألف قتيل وجريح منذ بداية الحرب، إضافة إلى الدمار الهائل في المدن الأوكرانية.

ومع ذلك، يصر زيلينسكي على المضي في القتال حتى النهاية بما يشبه عملية الانتحار، ويرفض المفاوضات مع روسيا التي أعلنت استعدادها للتفاوض، وهو ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة، توصلاً لحل سلمي.

لذلك، تأتي دعوة الرئيس الأوكراني لتعبئة ما بين 450 ألفاً و500 ألف شخص لمواجهة روسيا، تأكيداً لعجز الجيش الأوكراني عن تعبئة المزيد من القوات لإرسالها إلى الجبهة، وأيضاً تظهر عدم استيعاب لحقيقة أن المدد الغربي لم يعد متاحاً كما كان من قبل، وأن الأولية للولايات المتحدة الآن هي لإسرائيل وليست لأوكرانيا.

القادة الديمقراطيون والجمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي أكدوا أن واشنطن لن تكون قادرة على الموافقة على مساعدات جديدة لأوكرانيا قبل نهاية العام، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أن أمريكا «جمّدت مشاريع تمويل عقود المساعدة طويلة الأجل إلى أوكرانيا بسبب فشل الكونغرس في تخصيص الأموال لذلك»، بينما فشل رؤساء الدول والحكومات الأوروبية خلال قمتهم الأخيرة في بروكسل (14و15 ديسمبر/كانون الأول) الحالي في اعتماد 50 مليار يورو لدعم كييف.

إذاً، لماذا يركب زيلينسكي رأسه ويرفض التفاوض وصولاً إلى حل سياسي، مع أن روسيا لم تغلق الباب أمام التسوية؟ ولماذا يصر على حرب بات من الواضح أنها خاسرة، ولن يخرج منها إلا بمزيد من الخسائر حتى ولو طالت عاماً أو عامين أو أكثر؟

هل هو نوع من العناد الذي يودي بالعقل إلى تجاهل الحقيقة وعدم الاستماع إلى النصائح التي تقول إن الحرب الأوكرانية باتت عبئاً ثقيلاً على الجيش والشعب الأوكراني، وعلى أوروبا والعالم، وأنه آن الأوان لوقفها طالما أن هناك فرصة للتوصل إلى حل، كان متاحاً في ربيع عام 2022، وما زال قائماً.

قيل لنابليون يوماً «إن جبال الألب الشاهقة تمنعك من التقدم»، فقال: «يجب أن تزول من الأرض».. لكن نابليون زال وما زالت جبال الألب الشاهقة في مكانها.

.. لن يكون زيلينسكي نابليون بأي حال، لكن روسيا سوف تبقى في مكانها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/24zvhzs7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"