عادي
سيمفونية قلم

ألفٌ، باءٌ، باءٌ، باءٌ

22:51 مساء
قراءة دقيقتين
1

إيمان الهاشمي

الضمير الغائب للفاعل لا يعني غياب الفعل عن المفعول به، وإن كان الفاعل أو نائبه ذا «ضمير» ميت أو مستتر، فعلى الرغم من أن بعض الأفعال مبنية للمجهول، فإن جميعها مبني على المعلوم «للمظلوم»، حيث إنه يعلم جيداً كيف أمسى في محلٍ تقديره «بكى»، وهنا نرى كيف أدركَ أنه سقط في الشبكة الممتلئة بالقصص المفبركة، فأصبح ضحية المعركة، التي لم يشارك فيها من الأساس! وأعوذ بالله من شر الناس! الذين يتلذذون بمذاق «المضاف إليه» رغماً عن ظروف «المفعول فيه» ودون النظر إلى حقيقة «المفعول لأجله»، بل حتى دون التمييز بين الشر التام أو الناقص، وبين الخير الجامد أو الممنوع من الصرف. وبالطبع من دون استخدام أي أدواتٍ للعطف، وإنما التجهز بجميع أدوات «الاستثناء» وحروف الجر، لجر المظلوم أكثر.

يوهانس برامز اسمٌ ذو إيقاعٍ موسيقي، لعازفٍ وملحنٍ حقيقي، رقص بطفولته في الشوارع فقراً، وعندما كَبر تحوَّل إبداعه صقراً، يحلّق في السماء، ليكتمل به عدد العظماء، الذين تبدأ أسماؤهم بحرف الباء (بيتهوفن وباخ وبرامز) لتتألَّق الألحان وتتأنَّق بالثلاثة، فتتعانق الأرواح بسلاسةٍ ودماثة، إلا أن مقطوعاته ما زالت تحتاج للإغاثة، حيث إنها قد لا تثير الإعجاب من أول مرة، ولكن عند تكرار الاستماع إليها لا يُستغنى عنها بالمرة، وكأن الأبجدية تصبح فجأة (ألفٌ، باءٌ، باءٌ، باءٌ...)!

الصورة

نام في حفلٍ للبيانو أثناء عزف (ليست) بدواعي التعب، وما زال العالم يجهل إن صدق في قوله أو كذب، تحاشى النساء ولم يتزوج لئلا ينشغل عن فنونه، ولعله أراد الحفاظ على ما تبقى من جنونه، فقد أحرق الكثير من مؤلفاته باعتبارها سيئة، وبهذا يكون ارتكب في حق ذاته أعظم سيئة، كما سُميت سيمفونيته الأولى بالسيمفونية العاشرة، نظراً للتشابه الكبير بينها وبين سيمفونية بيتهوفن التاسعة! كما يُقال بأن تشايكوفسكي اتهمه بانعدام الموهبة في ذاك الزمان، وكذلك هاجمه الملحن ريتشارد فاجنر في كل مكان، بينما امتدحه الموسيقار روبرت شومان الذي حامت حول زوجته الشكوك بعد موته لعلاقتها المريبة بصديقه! ولذلك ظل التجاهل أجمل بكثير مما يصعب تصديقه!

ذات يوم صرّح لجمهوره من النقاد: «فليغفر لي كل من لم أسئ إليه»!

الصورة

الاسم: يوهانس برامز

الجنسية: ألماني

النشاط: موسيقي

التاريخ: 1833 – 1897 (64 سنة)

من أعماله: Hungarian Dance

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mpsau3xr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"