«الرسائل الفارسية»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

توقفت، بإعجاب وتفكير عميقين، عند «الرسائل الفارسية» لشارل لوي دي سيكوندا، أو مونتسكيو (1689 -1755)، (ترجمة: إينانة الصالح)، وسوف تقرأ عن باريس، مثلاً، وصورتها في عام 1712، وستقرأ عن الفرق بين نساء فارس ونساء باريس، والخضوع للزوجات عند الرومان، كما ستقرأ عن العلاقة بين الطين والذهب.. ثم إلى ما لا نهاية ممّا هو مدهش سواء في الرسائل أو في اللغة المثقفة الرفيعة قبل مئات السنوات. وفي وقت آخر، سأعود إلى هذه الرسائل مع القارئ الصديق، بخاصة أنها تنقل إلى العربية للمرة الأولى. (يناير/ كانون الثاني 2023- دار الرافدين).
يكتب (أوزبك) وهو الشخصية الرئيسية في هذه الرسائل، إلى صديق له اسمه (رضي) هذه الرسالة وموضوعها (العدالة): يقول «لا ينبغي أن نكون أحراراً من نير العدالة، وهذا يا رضي ما جعلني أعتقد أن العدالة أبدية.. ولا تعتمد على الأعراف البشرية، ولو اعتمدت عليها، لكانت حقيقة مروّعة عليها أن تتلاشى من تلقاء نفسها.. نحن محوطون بأناس أقوى منّا، يمكنهم أذيتنا بألف طريقة، وفي معظم الحالات، يمكن أن يفعلوا ذلك من دون عقاب.. راحتنا تكمن في معرفة أن لنا في قلوب كل هؤلاء الناس عاملاً داخلياً يحارب لصالحنا، ويحمينا من مكايدهم».
يتراسل كبير الخدم دائماً مع (أوزبك) ويخبره أولاً بأوّل حول ما يجري في قصره في بلاد فارس وهو غائب في باريس، وفي إحدى رسائل العبد الخادم إلى أوزبك يخبره: «الأرمن جلبوا أمس جارية شركسية إلى القصر يودّون بيعها».
المهم إلى أن يقول في رسالته إلى سيدة: «مجرّد أن رأيتها جديرة بك، أخفضت عيني، رميت عليها عباءة قرمزية، وضعت خاتماً ذهبياً في إصبعها، وانحنيت عند قدميها كأنها مليكة قلبك.. دفعت للأرمن ثمنها ثم أخفيتها عن كل العيون.. يا (أوزبك) السعيد.. إن لديك من الجمال أكثر ممّا في قصور الشرق..».
..ولكن ماذا عن الصمت، لو أراد أحد كتّاب الظواهر البشرية من هذا النوع أن يكتب عن قلّة الكلام؟ بالتأكيد سيعود إلى هذه الرسالة الفارسية من شخص اسمه (ريكا) إلى صديقه (إيبين) في مدينة إزمير.. كتب (ريكا) هذه الرسالة من باريس في 6 ربيع الثاني عام 1715..
يقول في رسالته «على الرغم من أن الفرنسيين يتحدثون كثيراً، فإنه يوجد بينهم نوع من الرهبان قليل الكلام من أتباع القدّيس برونو. يقال إنهم قطعوا ألسنتهم عند دخولهم الدير، وكم يتمنى الناس أن يترفع جميع الرهبان الآخرين أيضاً عن كل ما يجعل مهنتهم غير مجدية».
يتبع
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ycyy8dyd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"