الشر التكنولوجي

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

شركة الأنظمة البرمجية «كراود سترايك» شركة أمن سيبراني في الأساس، ومع ذلك، تستطيع القول بشكل عام إن مشكلة أمنية سيبرانية حدثت مساء الجمعة الماضي على نحو أو آخر يعرفه المتخصصون في التكنولوجيا، وبالتالي، فإن الثقافة السيبرانية تحيط بالحادثة العالمية من الألف إلى الياء، الأمر الذي يعيدنا، نحن العرب بشكل خاص، إلى قراءة كتاب «المنطقة المعتمة» للكاتب والصحفي الأمريكي فرد كابلان، المتخصص في شؤون الأمن القومي. والكتاب الذي نقله إلى العربية الباحث المصري د. لؤي عبدالمجيد السيد، هو بالفعل قصة جذّابة للتاريخ السرّي للحروب السيبرانية بين الدول أحياناً، وأحياناً، بين المؤسسات والشركات ذات الصلة المباشرة باستخدام التكنولوجيا منذ التسعينات، وقبل ذلك، وإلى اليوم.

الهزّة التكنولوجية التي حدثت للعالم قبل أيام، ولا يستطيع مقياس «ريختر» تسجيل قوتها المعنوية والخسائرية لأنها وقعت في الفضاء، وليس على الأرض، تدفعنا دفعاً قوياً وسريعاً للاقتراب المباشر في مدارسنا الثانوية، وفي الجامعات من علوم وثقافة الظاهرة السيبرانية التي تحيط بالعالم، ففي أية لحظة فجائية مثل مساء الجمعة الماضي، يمكن أن يتوقف قلب العالم التكنولوجي لتدخل البشرية الآدمية في حالة الفوضى والضياع الكوني.

لتكن هزّة مساء الجمعة، إذاً، شكلاً من «بروڤة» تكنولوجية تدفع من جديد إلى البحث العلمي الذي يتوصل إلى بدائل سريعة لإصلاح أي خطأ رقمي فادح تحاشياً لمنظر الارتماء بشكل مذلّ في صالات المطارات التي لا تكف عن إيذاء البشر بتذكيرهم بالموت الأزرق (شاشة الموت الزرقاء).

ولنعد الآن إلى كتاب «المنطقة المعتمة»، إذ يخبرنا المؤلف أن أصل «السيبرانية» يعود إلى كلمة «سيبر»، وللكلمة جذورها في علم أو مصطلح يسمى «السيبرنيطيقيا»، وهو مصطلح يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر ويصف الحلقات المغلقة لأنظمة المعلومات. أما البرنامج الخبيث، كما يقول كابلان وهو برنامج «لهب» flame، فيمكنه سرقة الملفات، ورصد الشاشات، وضغطات المفاتيح، وتشغيل ميكروفون الجهاز لتسجيل المحادثات الدائرة في الحوار. وهنا يجدر القول إن المؤلف يذكرنا تاريخياً بأن قرصنة الحواسيب لم تكن ظاهرة تكنولوجية ابنة البارحة، بل تعود إلى آواخر ثمانينات القرن العشرين.

يقول كابلان إن استغلال شبكات الحاسوب هو فن وعلم العثور على الثغرات الأمنية في شبكة الخصم واستغلالها، والولوج إلى داخلها والتلاعب بها.

يوضح كابلان أيضاً أنه في العام ٢٠١٤، كان هناك نحو ٨٠ ألف خرق أمني في أمريكا، لا بل إنه في العام ٢٠١٣ جرى اختراق نظام الحاسوب الخاص بسيارة «تويوتا بريوس»، وسيارة «فورد اسكيب» لتعطيل المكابح، والسيطرة على عجلة القيادة.

إذاً، أنت لست في مأمن مطلقاً حتى وأنت تقود سيارتك. أي خطأ هو كارثة، والله يحمي الجميع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4a53dyu5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"